147

Al-Jāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

الجامع لاحكام القرآن

Editor

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّكَ تُضِيفُهُ إِلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، فَتَقُولُ: مَالِكُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالثَّوْبِ، كَمَا تَقُولُ: مَالِكُ الْمُلُوكِ. الثَّانِي: أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَالِكِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَجَدْتَهُمَا وَاحِدًا. وَالثَّالِثُ: أَنَّكَ تَقُولُ: مَالِكُ الْمُلْكِ، وَلَا تَقُولُ: مَلِكُ الْمُلْكِ. قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ" مالِكِ" الدَّلَالَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ لَا يَتَضَمَّنُ" الْمُلْكَ" بِضَمِّ الْمِيمِ وَ" مِلْكُ" يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ أَوْلَى بِالْمُبَالَغَةِ. وَيَتَضَمَّنُ أَيْضًا الْكَمَالَ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْمُلْكَ عَلَى مَنْ دُونَهُ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ «١» عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ"، وَلِهَذَا قَالَ ﵇: (الْإِمَامَةُ فِي قُرَيْشٍ) وَقُرَيْشٌ أَفْضَلُ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَجَمِ وَأَشْرَفُ. وَيَتَضَمَّنُ الِاقْتِدَارَ وَالِاخْتِيَارَ وَذَلِكَ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ فِي الْمَلِكِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا مُخْتَارًا نَافِذًا حُكْمُهُ وَأَمْرُهُ، قَهَرَهُ عَدُوُّهُ وَغَلَبَهُ غَيْرُهُ وَازْدَرَتْهُ رَعِيَّتُهُ، وَيَتَضَمَّنُ الْبَطْشَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ سُلَيْمَانَ ﵇:" مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ. لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَدِيدًا" «٢» إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ وَالْمَعَانِي الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي الْمَالِكِ. قُلْتُ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ مَالِكًا أَبْلَغُ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ حَرْفٍ، فَلِقَارِئِهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ زِيَادَةً عَمَّنْ قَرَأَ مَلِكِ. قُلْتُ: هَذَا نَظَرَ إِلَى الصِّيغَةِ لَا إِلَى الْمَعْنَى، وَقَدْ ثَبَتَتِ الْقِرَاءَةُ بِمَلِكٍ، وَفِيهِ مِنَ الْمَعْنَى مَا لَيْسَ فِي مَالِكٍ، عَلَى مَا بَيَّنَّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةَ عشرة لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَمَّى أَحَدٌ بِهَذَا الِاسْمِ وَلَا يُدْعَى بِهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ) وَعَنْهُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ زَادَ مُسْلِمٌ لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ ﷿ قَالَ سُفْيَانُ «٣»:" مثل: شاهان شاه. وقال

(١). سورة البقرة آية ٢٤٧.
(٢). سورة النمل آية ٢٠، ٢١.
(٣). سفيان هذا، أحد رواة سند هذا الحديث.

1 / 141