136

Al-Jāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

الجامع لاحكام القرآن

Editor

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِقَوْلِهِ ﵇: (إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا). وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْحَارِثِ: لَا يَقُولُهَا الْمَأْمُومُ إِلَّا أَنْ يَسْمَعَ الْإِمَامَ يَقُولُ:" وَلَا الضَّالِّينَ". وَإِذَا كَانَ بِبُعْدٍ لَا يَسْمَعُهُ فَلَا يَقُلْ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: يَتَحَرَّى قَدْرَ الْقِرَاءَةِ وَيَقُولُ: آمِينَ. السَّابِعَةُ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: الْإِخْفَاءُ بِآمِينَ أَوْلَى مِنَ الْجَهْرِ بِهَا لِأَنَّهُ دُعَاءٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً" [الأعراف: ٥]. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قول تعالى:" قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما" [يونس: ٨٩]. قَالَ: كَانَ مُوسَى يَدْعُو وَهَارُونَ يُؤَمِّنُ، فَسَمَّاهُمَا اللَّهُ دَاعِيَيْنِ. الْجَوَابُ: أَنَّ إِخْفَاءَ الدُّعَاءِ إِنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الرِّيَاءِ. وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَشُهُودُهَا إِشْهَارُ شِعَارٍ ظَاهِرٍ، وَإِظْهَارُ حَقٍّ يُنْدَبُ الْعِبَادُ إِلَى إِظْهَارِهِ، وَقَدْ نُدِبَ الْإِمَامُ إِلَى إِشْهَارِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَالتَّأْمِينِ فِي آخِرِهَا، فَإِذَا كَانَ الدُّعَاءُ مِمَّا يُسَنُّ الْجَهْرُ فِيهِ فَالتَّأْمِينُ عَلَى الدُّعَاءِ تَابِعٌ لَهُ وَجَارٍ مُجْرَاهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ. الثَّامِنَةُ كَلِمَةُ آمِينَ لَمْ تَكُنْ قَبْلَنَا إِلَّا لِمُوسَى وَهَارُونَ ﵉. ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي (نَوَادِرِ الْأُصُولِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا رَزِينٌ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى أُمَّتِي ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَ أَحَدًا قَبْلَهُمُ السَّلَامُ وَهُوَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَصُفُوفُ الْمَلَائِكَةِ وَآمِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مُوسَى وَهَارُونَ) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَعْنَاهُ أَنَّ مُوسَى دَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ، وَأَمَّنَ هَارُونُ، فَقَالَ الله تبارك اسمه عند ما ذَكَرَ دُعَاءَ مُوسَى فِي تَنْزِيلِهِ:" قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما" [يونس: ٨٩] وَلَمْ يَذْكُرْ مَقَالَةَ هَارُونَ، وَقَالَ مُوسَى: رَبَّنَا، فَكَانَ مِنْ هَارُونَ التَّأْمِينُ، فَسَمَّاهُ دَاعِيًا فِي تَنْزِيلِهِ، إِذْ صَيَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَعْوَةً. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَمِينَ خَاصٌّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال: (ما حسدتكم اليهود على شي مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ....، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ

1 / 130