Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Investigator
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Publisher
دار الكتب المصرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Publisher Location
القاهرة
قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: مَنْ يَنْفِي الصِّفَاتِ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ يَزْعُمُ أَنْ لَا مَدْلُولَ لِلتَّسْمِيَاتِ إِلَّا الذَّاتُ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، وَمَنْ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ يُثْبِتُ لِلتَّسْمِيَاتِ مَدْلُولَاتٍ هِيَ أَوْصَافُ الذَّاتِ وَهِيَ غَيْرُ الْعِبَارَاتِ وَهِيَ الْأَسْمَاءُ عِنْدَهُمْ. وَسَيَأْتِي لِهَذِهِ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي" الْبَقَرَةِ" وَ" الْأَعْرَافِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ قَوْلُهُ:" اللَّهُ" هَذَا الِاسْمُ أَكْبَرُ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَأَجْمَعُهَا، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ اسْمُ الله الأعظم ولم يتسم به غيره، لذلك لَمْ يُثَنَّ وَلَمْ يُجْمَعْ، وَهُوَ أَحَدُ تَأْوِيلَيْ قَوْلِهِ تَعَالَى" هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" أَيْ مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ" اللَّهُ". فَاللَّهُ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ الْحَقِّ الْجَامِعِ لِصِفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ، الْمَنْعُوتِ بِنُعُوتِ الرُّبُوبِيَّةِ، الْمُنْفَرِدِ بِالْوُجُودِ الْحَقِيقِيِّ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الِاسْمِ هَلْ هُوَ مُشْتَقٌّ أَوْ مَوْضُوعٌ لِلذَّاتِ عَلَمٌ؟. فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ وَأَصْلِهِ، فَرَوَى سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ أَنَّ أَصْلَهُ إِلَاهُ، مِثْلَ فِعَالٍ، فَأُدْخِلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِثْلُ النَّاسِ أَصْلُهُ أُنَاسٌ. وَقِيلَ: أَصْلُ الْكَلِمَةِ" لَاهٌ" وَعَلَيْهِ دَخَلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ سِيبَوَيْهِ. وَأَنْشَدَ:
لَاهِ ابْنُ عَمِّكَ لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي
كَذَا الرواية: فتخزوني، الخاء الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ: تَسُوسُنِي. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: مَعْنَى" بسم الله" بسم الإله، فخذوا الْهَمْزَةَ وَأَدْغَمُوا اللَّامَ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَتَا لَامًا مُشَدَّدَةً، كَمَا قَالَ ﷿:" لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي" وَمَعْنَاهُ، لَكِنَّ أَنَا، كَذَلِكَ قَرَأَهَا الْحَسَنُ. ثُمَّ قِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ" وَلَهَ" إِذَا تَحَيَّرَ، وَالْوَلَهُ: ذَهَابُ الْعَقْلِ. يُقَالُ: رجل وله وَاِمْرَأَةٌ وَالِهَةٌ وَوَالِهٌ، وَمَاءٌ مُولَهٌ «١»: أُرْسِلَ فِي الصحاري. فالله سبحانه تتحير
(١). قوله، ماء مولة. هو بضم الميم وتخفيف اللام، وتشدد وتفتح الواو.
1 / 102