107

Al-Jāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

الجامع لاحكام القرآن

Editor

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

السادسة عشر تَقُولُ الْعَرَبُ فِي النَّسَبِ إِلَى الِاسْمِ: سُمِوِيٌّ، وأنشئت اسْمِيٌّ، تَرَكْتَهُ عَلَى حَالِهِ، وَجَمْعُهُ أَسْمَاءٌ وَجَمْعُ الْأَسْمَاءِ أَسَامٍ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: أُعِيذُكَ بِأَسْمَاوَاتِ اللَّهِ. السابعة عشر اخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِ الِاسْمِ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالرِّفْعَةُ، فَقِيلَ: اسْمٌ لِأَنَّ صَاحِبَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعِ به. وقيل لأن الاسم يسمو بِالْمُسَمَّى فَيَرْفَعُهُ عَنْ غَيْرِهِ. وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ الِاسْمُ اسْمًا لِأَنَّهُ عَلَا بِقُوَّتِهِ عَلَى قِسْمَيِ الْكَلَامِ: الْحَرْفِ وَالْفِعْلِ، وَالِاسْمُ أَقْوَى مِنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَلِعُلُوِّهِ عَلَيْهِمَا سُمِّيَ اسْمًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ، لِأَنَّ الِاسْمَ عَلَامَةٌ لِمَنْ وُضِعَ لَهُ، فَأَصْلُ اسْمٍ عَلَى هَذَا" وَسَمَ". وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي التَّصْغِيرِ سُمَيٌّ وَفِي الْجَمْعِ أَسْمَاءٌ، وَالْجَمْعُ وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا، فَلَا يُقَالُ: وَسِيمٌ وَلَا أَوَسَامٌّ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ أَيْضًا فَائِدَةُ الْخِلَافِ وَهِيَ: الثامنة عشر فَإِنَّ مَنْ قَالَ الِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعُلُوِّ يَقُولُ: لَمْ يَزَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفًا قَبْلَ وُجُودِ الْخَلْقِ وَبَعْدَ وُجُودِهِمْ وَعِنْدَ فَنَائِهِمْ، وَلَا تَأْثِيرَ لَهُمْ فِي أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَاتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَمَنْ قَالَ الِاسْمَ مُشْتَقٌّ مِنَ السِّمَةِ يَقُولُ: كَانَ اللَّهُ فِي الْأَزَلِ بال اسْمٍ وَلَا صِفَةٍ، فَلَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ جَعَلُوا له أسماء وصفات، فإذا أفناهم بقي بال اسْمٍ وَلَا صِفَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَهُوَ أَعْظَمُ فِي الْخَطَأِ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ! وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى وَهِيَ: التَّاسِعَةَ عشر فَذَهَبَ أَهْلُ الْحَقِّ فِيمَا نَقَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ إِلَى أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى، وَارْتَضَاهُ ابْنُ فَوْرَكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسِيبَوَيْهِ. فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: اللَّهُ عَالِمٌ، فَقَوْلُهُ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا، فالاسم كونه عَالِمًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِعَيْنِهِ. وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: اللَّهُ خَالِقٌ، فَالْخَالِقُ هُوَ الرَّبُّ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ الِاسْمُ. فَالِاسْمُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمُسَمَّى بِعَيْنِهِ مِنْ غير تفصيل.

1 / 101