وأما قولنا (أن الياء أخف من الواو) فدليله من وجهين: الاول إنه إذا بني من الفعل المعتل فاؤه بالياء مستقيل لم تحذف الياء نحو (يسر وييسر، و(يعر) الجدي ييعر) ولا كذلك الفعل المعتل فاؤه بالواو، فإنه إذا بني منه مستقبل حذفت الواو، نحو (وعد يعد ووزن يزن)، ولم يقولوا: (وعد يوعد، ولا وزن يوزن) كما قالوا: (يسر ييسر، ويعر الجدي ييعر) فحيث أبقوا الياء في المستقبل ولم يبقوا الواو في المستقبل، علمنا أن حذفهم للواو إنما هو استثقال لها دون الياء.
وأما الوجه الثاني، فهو انك إذا بنيت (مفعولا) من المعتل العين بالواو حذفت منه حرفًا للاستثقال؛ فقلت في قال (مقول) وفي صاغ (مصوغ). وإذا بنيت مفعولا من المعتل العين بالياء إن شئت حذفت فقلت في باع (مبيع) وفي عاب (معيب) وإن شئت تمعت ولم تحذف فقلت: (مبيوع ومعيوب) وإنما لم يتموا في الواو فلم يقولوا: في مقول (مقوول) ولا في مصوغ (مصووغ) وأتموا في الياء فقالوا (مبيوع ومعيوب) لأن الياء فيها الضمة أخف من الواو فيها الضمة؛ ألا ترى أن الواو إذا انضمت فروا منها إلى الهمزة فقالوا (أدؤر وأثؤب) قال الراجز:
لكل دهر قد لبست أثؤبًا
1 / 62