وقد كان من قبلنا مألوفًا مستعملًا بين البلغاء والفصحاء. وهذا مما لا نزاع فيه يحال من الاحوال، فاعرفه.
وعلى ذلك فإنما يلام على استعمال الوحشي من الكلام الحضري؛ لأنه يتكلفه من الكتب، ويلتقطه من بطون الدفاتر، مع العناء والمشقة في تحصيله. وقد رأينا جماعة، ممن يدعي هذه الصناعة، يعتقدون أن الكلام الفصيح هو الذي يعسر فهمه، ويبعد متناوله، كالذي نحن بصدد ذكره هاهنا. وإذا رأوا كلامًا غامضًا وحشيًا يعجبون منه، ويصفونه بالفصاحة وهو بالعكس من ذلك. وقد استعمل هذا
القسم من الكلام كثيرًا ابن هانئ المغربي، فمن ذلك ما جاء في قصيدة من شعره على قافية الثاء، وهو قوله:
وما راعهم إلا سُرادق جَعْفَر ... يَحُف بها أُسْدُ اللقاء الدلاهث
وما تستوي الشغواء غيرَ حثيثةٍ ... قوادُمها والكاسرات الحثائث
1 / 46