صقلته الألسن، وأنسته الأسماع والقلوب. ولذلك كان جميع ألفاظ القران الكريم منخرطة في هذا السلك، وجارية في هذا المنهاج.
واعلم أن العرب، لأنه لغة استعملوا الوحشي من الكلام، فإنهم غير ملومين على ذلك، ولا يكون هيبًا في كلامهم؛ لأنه لغة القوم، وبه كانت مفاوضاتهم في أحاديثهم وأشعارهم، وكان كالذي كان لهم طبعًا وخليفة. والدليل على أن العرب لا يلامون في استعمال الوحشي من الكلام، أن النبي ﷺ قد نطق به كثيرًا في كلامه، وأنت به الأخبار المنقولة عنه، كحديث طهفة بن أبي زهير النهدي وغيره. فأما حديث طهفة فهو إنه لما قدمت وفود العرب على النبي ﷺ قام طهفة بن أبي زهير فقال: (أتيناك يا رسول الله من غوري تهامة، على أكوار الميس، ترتمي بنا العيس نستحلب الصبير ونستخلب الخبير، ونستعضد البرير ونستخيل الرهام
1 / 42