198

============================================================

فسألوه عنه فقال الراهب صفوه لي، فوصفوه له فدلهم عليه فانطلقوا فوجدوه ساجدا يناجي ربه جل وعلا بأعلى صوته، فدنوا منه وسلموا عليه، فرفع رأسه فأتم بقية صلاته ثم رذ عليهم السلام، فقالوا له: أرسل الحجاج إليك فأجبه ، فقال: لا بد من الإجابة؟ قالوا: لا بد، فحمد الله تعالى اا واثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم قام يمشي معهم حتى انتهوا إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان، أصبتم صاحبكم؟

قالوا: نعم، قال: اصعدوا إلى الدير، فإن اللبؤة والأسد يأويان حول الدير، فعجلوا بالدخول قبل المساء، ففعلوا ذلك وأبى سعيد أن يدخل الدير، فقالوا: ما نراك الا تريد الهرب منا، قال: لا ولكن لا أدخل دار مشرك أبدا، فقالوا: إنا لا ندعك فإن السباع تقتلك، قال سعيد: فإن معي ربي يصرفها عني ويجعلها حرسأ حولي، تحرسني من كل سوء إن شاء الله تعالى، قالوا: فأنت من الأنبياء؟ قال ما انا من الأنبياء ولكن عبد من عباد الله عز وجل خاطى مذتب قالوا له: فاحلف لنا انك ما تبرح قحلف لهم، فقال لهم الراهب اصعدوا الدير وأوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح [فإنه كره الدخول علي في الصومعة لمكانكم](1) فدخلوا واوتروا القسي، فاذا هم بلبوة قد آقبلت، فلما دنت من سعيد تحكحكت به اوتمسحت به، ثم ريضت قريبا منه، وأقبل الأسد نصنع مثل ذلك، فلما راى الراهب ذلك وقع في قلبه هيبة، فلما أصبحوا نزلوا إليه فسأله الراهب عن شرائع دينه وسنن نبيه، فقرر له سعيد ذلك فأسلم الراهب وحسن اسلامه، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه ويقبلون رجليه، ويأخذون التراب الذي وطأه بالليل يصلي عليه ويقولون يا سعيد حلفنا الحجاج بالطلاق إن نحن رأيناك لا ندعك حثى نشخصك بين يديه، فمرنا بما شنت، فقال: أمضوا لشأنكم فإنه لا راد لقضاء ربي، فساروا حتى وصلوا واسط، فلما انتهوا إليها قال لهم سعيد: يا معشر القوم قد تحرمت بكم وبحبتكم ولست اشك آن أجلي قد قرب وحضر، وإن المدة قد دنت" (1) في حياة الحيران: فإته كره الدخول علي في الصومعة.

Page 198