فأما أولها: فخلقه إياهم أحياء؛ لأن بالحياة ينالون الملاذ والنعم والمنافع؛ لأن من لم يكن حيا لم يجد لذة ولا نعمة، وقد قال الله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} فهي ما لا يحصى، غير أن الحياة من أول النعم.
فأما أفضلها: فهو العقل الذي حسن الله به الحسن، وقبح به القبيح، وبه وجب الحمد والذم، وبه لزم التكليف؛ لأن الله تعالى إنما خاطب العقلاء بما يعقلون، ومن لم يكن له عقل سقط عنه التكليف، بالإجماع من الأمة على ذلك، قال الله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}، وقال: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}، /2/ يعني: لمن كان له عقل. فالعقل أفضل نعمة، ومن حرم العقل فقد حرم النعمة، وتمام النعمة على هذه الأمة الإسلام الذي أنعم الله عليهم به، ورضيه لهم دينا، وأكمله لهم وأتم عليهم نعمته.
وكذلك قال الله ||تعالى|| في كتابه: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. وقال: {إن الدين عند الله الإسلام}، فلا دين أرضى عند الله من الإسلام، فمن سلكه اهتدى، ومن تركه ضل وغوى، وهو واضح سبيله لمن من الله عليهم بقبوله، والعمل به، والتدبر في معانيه، واتباع فرائضه، واجتناب محارمه.
[مسألة في حق الله على العباد]
فأما ما ذكرت: ما حق الله على عباده؟
فحقه عليهم: أن يعرفوه ويوحدوه ||على ما أنعم||، ويعبدوه ويشكروه ولا يكفروه؛ لأن على العبد أن يعرف المنعم عليه، ويشكره على ما أنعم عليه، ويعترف له بحقه الواجب عليه، ويطيعه فيما أمره ونهاه، وقد قال الله: {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم}. وقال الله تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك}.
Page 2