فلما اختلفت الأمة بعد نبيها لم يعصم أهل الخلاف لدين الله ما أقروا به من التوحيد بمعصيتهم له، وما استحقوه من الكفر، كان العلم بمعرفة كفر أهل الخلاف، مع الإقرار بالتوحيد والنبي ^، والإقرار بما جاء من الله، ولو كان الناس في زمانه يقرون بتوحيد الله، ويقرون بأنه رسول الله، ويقرون بما جاء به عن الله، ثم نقضوا هذا الإقرار، واستحلوا بعض ما حرم الله، أو يحرموا بعض ما أحل الله، ثم نصبوا الحرب لرسول الله، وهم يقرون في ذلك بنبوته، لم تكن عنده وعند المسلمين هذه الشهادة وحدها، حتى يضموا مع هذه الشهادة الإقرار بحدث المستحلين، ومعرفة كفرهم وبراءتهم من الإيمان. ألا ترى إلى قول الله تعالى: {إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم}، وقال: {لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، وقال: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
وقال في المنافقين الذين قالوا: {نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}، فسماهم كفرة.
Page 187