161

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Genres

قيل له: هذا الخطاب في الخروج مع النبي ^ في الظهور والحذا والمال، فلما أن تخلفوا وحلفوا أنهم لم يمكنهم الظهور أكذبهم الله؛ لأنه علم أن ذلك كان يمكنهم.

فإن قال: فقوله: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}.

قيل له: ذلك في الصوم؛ فإن لم يقدر الصوم من الكبر أو المرض زال عنه ذلك، وقد يطعم مسكين وذلك لعدم القدرة، فمن عدم القدرة في وقت الفعل لم يلزمه ما عجز عنه.

فإن قال: لو كان كلفهم ما لا يطيقون، كان قد حمل عليهم الضيق؟

قيل له: تكليف ما لا يطاق [مثل] من كلف /116/الأصم السمع، والأعمى البصر، والزمن النهوض.

فأما من كلف الطاعة العقلاء فقد كلفهم الإيمان والعمل به، فمن لم يقبل الحق لم يكن له مستطيعا، كما قال الله: {ما كانوا يستطيعون السمع} على هذا، ومن عمل بالحق وقبله فقد استطاعه، وقد قال الله تعالى: {وكانوا لا يستطيعون سمعا} ، وقد أمروا أن يقبلوا الحق وقد كلفوه، وذلك أنهم لم يرزقوا استطاعة التوفيق وقد خذلوا.

فإن قال: مما يدل على أن القوة قبل الفعل، قوله في قوم سبأ: {نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد}؟

قيل لهم: إنما ذلك خبر منهم، أنهم أخبروها عن كثرتهم، ولم تنفعهم تلك الكثرة، وأخرجهم سليمان - عليه السلام - أذلة وهم صاغرون.

فإن قال في قوم عاد: {وقالوا من أشد منا قوة}، وقول هود: {ويزدكم قوة إلى قوتكم}.

قيل له: ذلك ظنهم أن لهم قوة تغني عنهم من الله شيئا، فلم يستطيعوا ذلك وبطلت.

وقوله: {يزدكم قوة إلى قوتكم} أخبرهم هود إن آمنوا زادهم صحة في أجسامهم، وكثرة في أموالهم؛ لأن المال من القوة وهم، فلم يكونوا مستطيعين للإيمان إذ لم يقبلوه.

Page 161