قيل له: زعمنا ذلك من قبل أن الفعل لا يخلو من أن يكون حادثا مع الاستطاعة أو قبلها أو بعدها، فإن كان حادثا معها في حال حدوثها فقد صح أنها مع الفعل والمفعول.
وإن كان حادثا قبلها أو بعدها فقد دلت الدلالة أنها لا تنفي حدوث الفعل بقدرة معدومة، ولو جاز ذلك لجاز أن يحدث العجز بعدها، أو يكون واقعا بقدرة معدومة، ولو جاز أن يقع في الحال ما هو فيه جائز عاجز فيها بقدرة معدومة لجاز أن يفعل بعد مائة سنة في حال حدث القدرة، وإن كان عاجزا في المائة السنة كلها بقدرة عدمت، وهذا فاسد.
فإن قال: لم زعمتم أن القدرة لا تبقى؟
قيل له: لأنها لو بقيت لكانت لا تخلو أن تبقى لنفسها، أو لبقاء يقوم بها، فإن كانت تبقى لنفسها وجب أن يكون لنفسها بقاء لها، وألا توجد إلا باقية، وإن كانت تبقى ببقاء يقوم بها والبقاء صفة، وقد قامت الصفة بالصفة، والعرض بالعرض وهذا فاسد.
ولو جاز أن تقوم الصفة بالصفة لجاز أن تقوم القدرة بالقدرة، والحياة بالحياة، والعلم بالعلم؛ وهذا فاسد.
فإن قال: لم أنكرتم أن تكون القدرة على الشيء قدرة على ضده؟
قيل له: إن من شرط القدرة المحدثة أن تكون في وجودها وجود مقدورها؛ لأن ذلك لو لم يكن من شرطها وجاز وجودها وقتا ولا مقدورا لجاز وجودها وقتين وأكثر من ذلك، ولو جاز هذا هكذا لجاز وجودها أبد الأبد، /114/ وهو قادر غير فاعل على وجه من الوجوه.
Page 158