127

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Genres

قيل له: وكذلك كل ما يعملون من الأصنام والأفعال من الطاعة والمعصية، فكل ذلك مخلوق؛ لأنه عم بقوله: {خلقكم وما تعملون}، فلا يجوز لقائل أن يقول: "خلقكم وبعض ما تعملون"، ولو جاز هذا لجاز لقائل أن يقول: {حرمت عليكم أمهاتكم}، إنما هو لبعض الأمهات، و لجاز أن يكون قوله: {يا أيها الذين آمنوا} إنما خاطب بعض الذين آمنوا. فلما لم يجز هذا، وكان عاما في الذين آمنوا، وفي جميع الأمهات لعموم الآيات، كان قوله: {خلقكم وما تعملون} عاما في كل ما تعملون، إلا ما قام به دليل من الكتاب أنه خاص، والآية على ظاهرها {خلقكم وما تعملون}: خلق كل شيء تعملونه من المعاصي والطاعة والأصنام وغير ذلك، فكما دلت الآية أنه خلقهم، وكذلك خلق أعمالهم.

ودليل آخر يدل على أن عملهم مخلوق قوله: {والذي خلق الأزواج كلها}؛ يعني: الأصناف كلها، {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون}،/90/ فأخبر أنه جعل لهم الفلك وهم الذين نحتوا الخشب، ولاقوا بعضه إلى بعضه، وشدوه بالدسر وجعلوه في البحر، فسماه الله جعلا له، والجعل: خلق من الله مما جعل، فقد سماه مما عملوه من غير الأصنام جعلا له وخلقا له، وكذلك ركوبهم وعبادتهم، وصيادتهم، وقد قال: {وسخر لكم الفلك}، ولم يسخر لكم إلا ما كان من تدبيره. وقال: {الذي أحسن كل شيء خلقه} فخلقه |عظاما فجعله| عاما لكل شيء.

فإن قال: إنما عنى بذلك خلق السموات والأرض، والليل والنهار، والإنس والجن، ولم يخلق الظلم |والكذب|؛ إذ لم يكن ظالما ولا كاذبا؟

Page 127