وإذا كان عند رجل ماء واجتنب (نسختين) وأجنب رجل وطهرت امرأة من حيضها، ومات إنسان، كان بعض أصحابنا يذهب إلى أنه يجود به على من يشاء منهم. والنظر عندي يوجب أن يغسل به الميت، أو يدفعه إلى من يغسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اغسلوا أمواتكم" (¬1) ، وهو داخل في الفرض بالأمر ولم يخاطب في الجنب والحائض، وإذا (¬2) كان هو الجنب، فهو أولى به وليس له دفعه إلى غيره، لأنه مخاطب بالطهارة إذا كان قادرا عليها بالماء، وهو قادر على ذلك، والله أعلم.
وإذا كان الماء للميت فهو أحق به، وليس لأحد أن يأخذه لنفسه إلا أن يخاف واحد على نفسه العطش فله إحياء نفسه ويضمن لورثته بالثمن (¬3) في أكثر قول أصحابنا، والله أعلم.
مسألة في الطهارة
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالاجتمار؛ والاجتمار (¬4) إزالة النجو بالحجارة الصغار، ويسمى حصى أيضا، وتسمى جمار مكة حصى لصغرها. ألا ترى إلى قول الشاعر:
هي الشمس إلا أنها تسحر الفتى ولم أر شمسا قبلها تحسن السحرا.
رمت بالحصى يوم الجمار فليته بعيني وليت الله صيره جمرا.
ويقال للمستنجي بالحجارة: استطاب الرجل، ومنه قيل: استطاب، فهو مستطيب إذا استنجى؛ يريد بذلك أنه طيب نفسه بإزالة الأذى عنها. فإذا وجد الإنسان الماء لم يكن له استعمال غيره؛ لأن فيه غاية الاستطابة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالاستنجاء الاستطابة، وبالماء أبلغ الاستطابة والتنظيف. وسواء تعدى النجو للمخرج أو لم يتعده لعموم اللفظ.
¬__________
(¬1) متفق عليه.
(¬2) في (ج) أن.
(¬3) من (ج).
(¬4) ناقصة من (ج).
Page 195