والمستحب للمتوضئ للصلاة أن يتوضأ ثلاثا لكل عضو مأمور به، فإن توضأ واحدة فهو الفرض إذا عم الجارحة بها، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أنه توضأ واحدة واحدة، ثم قال: هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به، ثم ثنى فقال: من ضاعف ضاعف الله له، ثم أعاد الثالثة وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي) (¬1) وأكره أن يكون الوضوء متفرقا، لأن من نقل كيفية الوضوء عن النبي عليه السلام لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق وضوءه، ولا أعلم واحدا منهم فرق الوضوء إلا في موضع واحد. وقوله عليه السلام: (هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به) (¬2) مع فعله له في موضع واحد يدل على ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مقتدى به في قوله وفعله . ومن زعم أن تفرقة الوضوء جائزة صعب عليه إقامة الدليل؛ وأوجب الله تعالى الطهارة على المحدثين، فإذا أراد الإنسان القيام إلى الصلاة وهو محدث أتى بالطهارة التي خاطب الله بها المحدثين بقوله: ? { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة... } ?والله أعلم؛ وإذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون، وقيل أيضا إن معنى قوله جل ذكره: { ?إذا قمتم إلى الصلاة } ? يريد من مضاجعكم من النوم، والذين خوطبوا بالتيمم هم الذين خوطبوا بالماء عند وجوده، فالمتطهر لم يدخل في هذا الخطاب.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود والبيهقي.
(¬2) رواه النسائي وأبو داود والبيهقي.
Page 189