والوجه ما واجه به الإنسان؛ لأن العرب لا تعقل إلا ما ظهر لها وواجهها، وإنما خوطبت بما تعرفه في لغتها، وليس انكشاف الشعر من مواضعه بزائد في طهارته، وغسل مواضع اللحية واجب؛ لأنه مواجه به إذا لم يكن هناك شعر، فإذا ظهر فيه شعر يستره ولم يمكن وصول الماء إليه إلا بماء جديد، وذلك شديد أو غير شديد لم يجب غسله؛ لأن اسم غسل (¬1) قد زال عنه، وليس يصح عندي ما قاله بعض أصحابنا في إيجاب تخليل اللحية، ولا قول من أمر بذلك استحبابا، ومن فعله فهو عندي غير ملوم. ومن تركه فليس بمتأثم، ولا أعلم اختلافا بين أحد من الناس، أن الوجه الذي أمر الله بغسله بالماء هو الوجه الذي أمر بمسحه بالصعيد، ولا أعلم خلافا أن المتطهر بالصعيد لا يجب عليه تخليل اللحية (¬2) ، ولا يؤمر بذلك استحبابا. واتفاقهم على أن تارك ذلك مؤد لفرضه ماسحا لجميع وجهه دليل على أن اسم الوجه غير لاحق بالمواضع الذي يواريه شعره. ومن كان أقطع اليد أو ممتنعة لعذر، كان الفرض عليه فيما بقي وسقط فرض ما عدم إذا امتنع بالعذر، فلا (¬3) يجب عليه التيمم مع ذلك، وإن كان قد خالفنا فيه بعض أصحابنا فأوجب المسح بالماء والتيمم بالصعيد في وقت واحد. فأوجب أحد الفرضين مع القدرة والوجود، والتزم مع العدم والعذر فرضين فيجب أن ينظر في ذلك، وذكر محمد بن جعفر في الجامع مع إجازة التطهر بالنبيذ لمن عدم الماء ويتيمم أيضا. والذي عندي أن الواجب عليه التيمم بالصعيد؛ لأن صاحب هذا النبيذ لا يخلو أن يكون واجدا الماء (¬4) أو عادما له، فإن كان عادما له فالتيمم طهارة له، وإن كان واجدا له فالنبيذ غير مجزي (¬5)
¬__________
(¬1) في (ج) وجه.
(¬2) في (ج) لحيته.
(¬3) في (ج) ولا.
(¬4) في (ج) للماء.
(¬5) في (ج) مجز..
Page 180