والانتهاء إلى أمره ومخالفته حرام. فإن قال: فيجوز للمسلم أن يقيم لهم " نسخة معهم" ويبايعهم. قيل له: نعم ما لم يعلم أنه أغصب أو حرام، أو أنهم يكرهونه على تصويب الباطل ويلحقونه إلى إظهار شيء من الباطل (¬1) . فإن قال: أفيجوز للمسلم الغزو معهم؟ قيل له: نعم إن (¬2) الله عز وجل أمر بذلك في كتابه أمرا عاما لقوله: { ?قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } (¬3) ، وقال جل ذكره: ? { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } (¬4) ، وقال تعالى: { ?قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } ? (¬5) . وأيضا فإن القتال جائز بغير إمام الله والله أعلم.
مسألة في عمل المغشوش
وللإمام أن يمنع في عمل المغشوش من الدارهم وغيرها، والمزيف والمكحل من الدنانير، وما يصنعه أهل الصناعات من الأمتعة وأهل الأسواق، وله أن يزجر عن ذلك ويعاقبهم عليه بما يراه زجرا لهم، وأدعى لهم إلى التوبة مما هم عليه من الفعل. فإن قال قائل: لم جاز للإمام المنع عن ذلك وإن لهم " نسختين" له مع ذلك التعزير والعقاب لهم على ذلك؟ قيل له (¬6) :إن الغش منكر وظلم منهم لبعضهم بعضا، فإن قال: فهل له أن يمنع من المعاملة بذلك المغشوش؟ قيل له: لا. ليس للإمام أن يمنعهم عن المعاملة بما يتراضون به فيما بينهم. فإن قال: ولم جاز أن يعاقب على فعل ثم لا ينهى عن الرضى به؟ قيل له: إنها أمتعة وأملاك وأموال للناس، وإن كانت مكسورة أو فاسدة أو متغيرة بفعل أربابها؛ فإن حق أربابها لم يزل عنها ولا ملكهم، ولها مع ذلك قيمة فإذا وقف المشتري على عيبها أو عرفه البائع جاز للبائع والمشتري، ولم يكن للإمام أن يمنع الناس أن يتصرفوا في أموالهم وإن كانوا أفسدوها.
مسألة في الدين المضيق على صاحبه
¬__________
(¬1) في (ج) إلى إظهار من الباطل.
(¬2) في (ج) لأن.
(¬3) التوبة: 29.
(¬4) التوبة: 5.
(¬5) التوبة: 123.
(¬6) ساقطة من (ج).
Page 135