المتعدي بالهجوم عليه في أمنه، كما يهجم على أهل المنكرات في منازلهم والأماكن التي يستترون بمنكرهم فيها، ولهؤلاء أيضا بتعديهم من أهل المنكر الذي يجوز الهجوم عليهم في منازلهم ليخرجوا إلى حيث لا يمتنعون بباطلهم، ويدل على ما قلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعث بلالا فاستدان له دينا فلما حل طولب بالدين، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أني طولبت (¬1) بالدين الذي تحملته وقد ضيق علي في المطالبة وشدد علي فيه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوارى عن أهل الحقوق إلى أن يتيسر ما يقضون به) (¬2) ، فلو كان التواري لا يستر بلالا من الغرماء لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فهذا يدل على افتراق حكم المتعدي وغير المتعدي وبالله التوفيق. وأيضا فإن السارق والمتعدي على مال غيره تناولا مالا لغيرهما باعتداء منهما على صاحبه، ولم ينتقل ملك صاحبه عنه فهما ظالمان له في كل حال. وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله من أحدث في الإسلام حدثا أو آوى محدثا) (¬3) يدل على ما قلنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع بهذا القول أن يؤويه (¬4) أحد فلما لم يكن له مكان يستره علمنا أن كل موضع كان فيه ستر له. وبالله التوفيق.
مسألة في إنكار المنكرات
¬__________
(¬1) في (ج) طلب.
(¬2) رواه ابن ماجه والبيهقي.
(¬3) رواه ابن مردويه.
(¬4) في (أ) يوجبه.
Page 116