قال الله تبارك وتعالى: ? { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } ، (¬1) ففي هذه الآية دليل من الله تعالى لمن يغفل عنه خطابه على أنه لم يفوض الأمر إلى عباده ليستبد كل امرئ منهم بمراده، كما زعم الملحدون في آياته، المنكرون لأحكام كتابه، إذ قالوا: فقد شاء الله من الخلق أن يؤمنوا وكره منهم أن يكفروا. وأحب الكافرون أنفسهم أن يكفروا، فكانت محبتهم غالبة لمحبته، ومشيئتهم ظاهرة على مشيئته. فهم إن شاءوا أن لا يكفروا نفذت مشيئتهم، والله تعالى عندهم فقد شاء من الخلق ألا يكفروا فلم تنفذ مشيئته، وأراد أن يؤمنوا فلم يبلغ إرادته فكيف يكون كذلك وهو يقول عز وجل: ? { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } (¬2) ، أفليس في هذا القرآن دليل لأولي التمييز والأبصار على أنه لا يستطيع من يسبق له الخذلان أن يدخل في ملة (¬3) أهل الإيمان؟
ولا يقدر أحد ممن سعد بالإسلام على الخروج من الإيمان إلا بمشيئة الله تعالى، فلا سابق لأمره ولا راد لحكمه، خالق الخلق ومدبر الأمر، تعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
... مسألة
...
¬__________
(¬1) هود: 119.
(¬2) الأنعام: 125.
(¬3) في (ب) و (ج) مسألة.
Page 105