الألين، كَمَا قَالُوا: ورل ووتد، فبدأوا بِالتَّاءِ على الدَّال وبالراء على اللَّام، فذق التَّاء وَالدَّال فَإنَّك تَجِد التَّاء تَنْقَطِع بجرس قوي وتجد الدَّال تَنْقَطِع بجرس لين، وَكَذَلِكَ الرَّاء تَنْقَطِع بجرس قوي وتجد اللَّام تَنْقَطِع بغنة، ويدلك على ذَلِك أَيْضا أَن اعتياص اللَّام على الألسن أقل من اعتياص الرَّاء، وَذَلِكَ للين اللَّام، فَافْهَم.
قَالَ الْخَلِيل: لَوْلَا بحة فِي الْحَاء لأشبهت الْعين فَلذَلِك لم تأتلفا فِي كلمة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ الْهَاء ولكنهما يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَتَيْنِ لكل وَاحِدَة مِنْهُمَا معنى على حِدة، نَحْو قَوْلهم: حَيّ هَل، وكقول الآخر: هيهاؤه، وحيهله، فحي كلمة مَعْنَاهَا هَلُمَّ وهلا حثيثا، وَكَذَلِكَ فِي الحَدِيث: " فحي هلا بعمر ". وَقَالَ الْخَلِيل: سمعنَا كلمة شنعاء: الهعخع، فأنكرنا تأليفها؛ وَسُئِلَ أَعْرَابِي عَن نَاقَته فَقَالَ: تركتهَا ترعى الهعخع، فسألنا الثِّقَات من عُلَمَائهمْ فأنكروا ذَلِك وَقَالُوا: نَعْرِف الخعخع، فَهَذَا أقرب إِلَى التَّأْلِيف.
وَاعْلَم أَنه لَا يَسْتَغْنِي النَّاظر فِي هَذَا الْكتاب عَن معرفَة الزَّوَائِد لِأَنَّهَا كَثِيرَة الدُّخُول فِي الْأَبْنِيَة قل مَا يمْتَنع مِنْهَا الرباعي والخماسي والملحق بالسداسي من الْبناء، فَإِذا عرفت مواقع الزَّوَائِد فِي الْأَبْنِيَة كَانَ ذَلِك حريا أَلا تشذ على النَّاظر فِيهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. والزوائد عِنْد بعض النَّحْوِيين عشرَة أحرف وَقَالَ بَعضهم تِسْعَة؛ تجمع هَذِه الْعشْرَة الأحرف كلمتان، وهما: " الْيَوْم تنساه "، وَهَذَا عمله أَبُو عُثْمَان الْمَازِني.
(بَاب معرفَة الزَّوَائِد ومواقعها)
وَهِي الْهمزَة وَالْألف وَالْيَاء وَالْوَاو وَالْمِيم وَالنُّون وَالتَّاء وَاللَّام وَالسِّين وَالْهَاء، فَزِيَادَة الْهمزَة أَن تقع أَولا فِيمَا عدده أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا نَحْو: أسود وأحمر وأخضر وأصفر لِأَنَّهَا من السوَاد والحمرة والصفرة والخضرة، فَإِذا كَانَت الثَّلَاثَة كلهَا من الْحُرُوف الَّتِي لَا تكون زَوَائِد والهمزة أَولا فَلَا يجوز إِلَّا أَن تكون زَائِدَة، وَإِن كَانَ مَعهَا غَيرهَا من الْحُرُوف الزَّوَائِد لم يحكم على وَاحِدَة مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ إِلَّا بالاشتقاق. وَالْمِيم تُوضَع زيادتها أَولا فِي مَوضِع الْهمزَة مِمَّا عدده أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا، نَحْو مَضْرُوب ومقتول ومرمي ومقضي وَكَذَلِكَ مستخرج وَمَا أشبهه، فَإِن وجدت حرفا من حُرُوف الزَّوَائِد فِي غير مَوْضِعه لم تحكم عَلَيْهِ
1 / 47