(غَرَّك برزاغ الشَّبَاب المزدهي ...)
يُقَال: شباب برزغ وبرزاغ وبرزوغ إِذا تمّ. والهمزة تدخل على الْهَاء كثيرا وَتدْخل الْهَاء عَلَيْهَا كَقَوْلِهِم أيهات وهيهات وآزيد وَهَا زيد فِي الدُّعَاء. وَالْعين تتلو الْحَاء فِي المدرج والارتفاع، فَلذَلِك قَالَ قوم من الْعَرَب: محهم يُرِيدُونَ مَعَهم، وَإِذا أدغم قيل محم. وَالْخَاء أرفع مِنْهَا وَهِي تلِي الْعين والغين على مدرج الْخَاء إِلَّا أَنَّهَا أَسْفَل مِنْهَا. فَهَذَا جنس حُرُوف الْحلق.
وَأما جنس حُرُوف أقْصَى الْفَم من أَسْفَل اللِّسَان، فَهِيَ الْقَاف وَالْكَاف ثمَّ الْجِيم ثمَّ الشين، فَلذَلِك لم تأتلف الْكَاف وَالْقَاف فِي كلمة وَاحِدَة إِلَّا بحواجز: لَيْسَ فِي كَلَامهم قك وَلَا كق، وَكَذَلِكَ حَالهمَا مَعَ الْجِيم، لَيْسَ فِي كَلَامهم جك وَلَا كج. إِلَّا أَنَّهَا قد دخلت على الشين لتفشي الشين وقربها من عكدة اللِّسَان بل هِيَ مُجَاوزَة للعكدة إِلَى الْفَم، فقد جَاءَ فِي كَلَامه قَشّ، والقش: مصدر قششت الشَّيْء أقشه قشا، إِذا استوعبته؛ وَيُقَال: قششت الشَّيْء بيَدي قشا، إِذا حككته بِيَدِك حَتَّى يتحات. وألحقوا هَذِه الْكَلِمَة بِبِنَاء جَعْفَر فَقَالُوا: قشقش، وَقَالُوا: تقشقشت القرحة، إِذا جَفتْ وبرأت. وَكَانَت ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ﴾ و﴿قل هُوَ الله أحد﴾ تسميان فِي صدر الْإِسْلَام: " المقشقشتين "، لِأَنَّهُمَا أبرأتا من النِّفَاق. وَقد جمعُوا بَين الشين وَالْكَاف فَقَالُوا: شكّ فِي الْأَمر، وكش الْبَعِير إِذا هدر هديرا خَفِيفا. قَالَ رؤبة (رجز):
(إِنِّي إِذا حمشني تحميشي ...)
(يَوْمًا وجد الْأَمر ذُو تكميش ...)
(هدرت هدرا لَيْسَ بالكشيش ...)
وَقد جمعُوا بَين الشين وَالْجِيم فِي الشج والجش.
جنس حُرُوف وسط اللِّسَان مِمَّا هُوَ منخفض: السِّين وَالزَّاي وَالصَّاد.
جنس حُرُوف أدنى الْفَم: وَمن جنس حُرُوف أدنى الْفَم التَّاء والطاء وَالدَّال، وَأدنى مِنْهَا أَيْضا مِمَّا هُوَ شاخص إِلَى الْغَار الْأَعْلَى: الظَّاء والثاء والذال وَالضَّاد.
1 / 44