(وَلَو حرشت لكشفت عَن حرش ...)
(عَن وَاسع يغرق فِيهِ القنفرش ...)
أَي عَن حرك، فَجعل كَاف المخاطبة شينا. وَأنْشد أَبُو بكر لمَجْنُون ليلى (طَوِيل):
(فعيناش عَيناهَا وجيدش جيدها ... سوى عَن عظم السَّاق منش دَقِيق)
أَرَادَ عَيْنَاك وجيدك ومنك وَأَن، وَإِذا اضْطر هَذَا الَّذِي هَذِه لغته قَالَ: جيدش وغلامش، بَين الْجِيم والشين، لم يتهيأ لَهُ أَن يفرده، وَكَذَلِكَ مَا أشبه هَذَا من الْحُرُوف المرغوب عَنْهَا.
(بَاب صفة الْحُرُوف وأجناسها)
الْحُرُوف سَبْعَة أَجنَاس يجمعهن لقبان: المصمتة والمذلقة، فالمذلقة سِتَّة أحرف، والمصمتة اثْنَان وَعِشْرُونَ حرفا ثَلَاثَة مِنْهَا معتلات وَتِسْعَة عشر حرفا صِحَاح. فَمن المصمتة الصِّحَاح حُرُوف الْحلق، وَهِي الْهمزَة وَالْهَاء والحاء وَالْعين والغين وَالْخَاء مأخذهن من أقْصَى الْحلق إِلَى أدناه. أما الْهمزَة مِنْهُنَّ فَمن مخرج أقْصَى الْأَصْوَات، وَالْهَاء تَلِيهَا وَهِي من مَوضِع النَّفس، والحاء أرفع وَهِي أقرب حرف يَليهَا، أَلا ترى أَنَّهَا فِي كَلَام كثير من النَّاس مغلوط بهَا حَتَّى تصير الْهَاء حاء والحاء هَاء. قَالَ رؤبة (رجز):
(لله در الغانيات المده ...)
(سبحن واسترجعن من تألهي ...)
ويروى: المزه، أَرَادَ المزح؛ وَمن روى المده أَرَادَ الْمَدْح. وَقَالَ النُّعْمَان بن الْمُنْذر لرجل ذكر عِنْده رجلا؛ أردْت كَيْمَا تذيمه فمدهته، أَرَادَ: تعيبه فمدحته. وأنشدنا الأشنانداني عَن التوزي عَن أبي عُبَيْدَة لرجل من بني سعد، جاهلي (رجز):
(حَسبك بعض القَوْل لَا تمدهي ...)
1 / 43