Jamc Wasail
جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
Publisher
المطبعة الشرفية - مصر
Publisher Location
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
Genres
Prophetic Biography
مِنَ النَّاسِ. (مِنْ أَصْحَابِهِ): وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِهِ، أَيْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي نَاسٍ، أَيْ مَعَ نَاسٍ، غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ وُجُودِ قَوْلِهِ وَهُوَ كَمَا لَا يَخْفَى. (فَدُرْتُ): بِضَمِّ الدَّالِ مَاضٍ مِنَ الدَّوْرِ عَطْفٌ عَلَى أَتَيْتُ. (هَكَذَا): إِشَارَةٌ إِلَى كَيْفِيَّةِ دَوَرَانِهِ. (مِنْ خَلْفِهِ): لِبَيَانِهِ، أَيِ انْقَلَبْتُ مِنْ مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَذَهَبْتُ حَتَّى وَقَفْتُ خَلْفَهُ. (فَعَرَفَ): أَيْ بِنُورِ النُّبُوَّةِ أَوْ بِقَرِينَةِ الدَّوْرَةِ. (الَّذِي أُرِيدُ): أَيْ أَنْوِيهِ وَأَقْصِدُهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْخَاتَمِ. (فَأَلْقَى الرِّدَاءَ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَأَيْتُ): أَيْ أَبْصَرْتُ. (مَوْضِعَ الْخَاتَمِ): بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ، أَيِ الطَّابَعِ الَّذِي خُتِمَ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَعَرَفَ مَا أُرِيدُ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ مَنْكِبِهِ، فَدُرْتُ حَتَّى قُمْتُ خَلْفَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ. (عَلَى كَتِفَيْهِ): بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِرَأَيْتُ، وَالْمُرَادُ قَرِيبًا مِنْ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِيهِ رِوَايَةُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَالْقَوْلُ بِتَعَدُّدِ الْخَاتَمِ بَعِيدٌ جِدًّا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَقَالَ الْعِصَامُ: أَيْ مُشْرِفًا عَلَى كَتِفَيْهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ ارْتِفَاعَهُ يَزِيدُ عَلَى ارْتِفَاعِ كَتِفَيْهِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَحْمًا، أَوْ قَالَ ثَرِيدًا، ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى جَمْعًا عَلَيْهَا خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ: عِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى، وَرُوِيَ: فِي نُغْضِ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ، وَالنُّغْضُ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالنَّاغِضُ مِنْهُ عَلَى وَزْنِ الْفَاعِلِ، أَعْلَى الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظَمُ الرَّقِيقُ الَّذِي عَلَى طَرَفِهِ وَهُوَ الْغُضْرُوفُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُقَيِّدَةٌ لِلرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ أَنَّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَّهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَنَّهُ عَلَى كَتِفَيْهِ أَوْ عَلَى كَتِفِهِ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: السِّرُّ فِي وَضْعِ الْخَاتَمِ عَلَى جِهَةِ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ أَنَّ الْقَلْبَ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي خَبَرٍ مَقْطُوعٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ مَوْضِعَ الشَّيْطَانِ، فَأُرِيَ فِي النَّوْمِ جَسَدًا كَالْبِلَّوْرِ وَيُرَى دَاخِلُهُ مِنْ خَارِجِهِ وَالشَّيْطَانَ فِي صُورَةِ ضِفْدَعٍ عِنْدَ نُغْضِ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ حِذَاءَ قَلْبِهِ لَهُ خُرْطُومٌ كَالْبَعُوضِ قَدْ أُدْخِلَ إِلَى قَلْبِهِ يُوَسْوِسُ فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الْبَرِّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْفَائِقِ، وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ سَأَلَ
عِيسَى ﵇ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ مَوْضِعَ الشَّيْطَانِ مِنَ ابْنِ آدَمَ فَأَرَاهُ، فَإِذَا رَأْسُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى ثَمَرَةِ الْقَلْبِ، فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ، وَإِذَا تَرَكَ أَتَاهُ وَحَدَّثَهُ. وَلَهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُولَدُ الْإِنْسَانُ وَالشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِهِ فَإِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ، وَمَعْنَى جَاثِمٍ: وَاضِعٌ خُرْطُومَهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ عَلَى وَجَعِ الِاعْتِنَاءِ وَالِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمَّا مَلَأَ قَلْبَهُ ﷺ حِكْمَةً وَيَقِينًا خَتَمَ عَلَيْهِ كَمَا يُخْتَمُ عَلَى الْوِعَاءِ الْمَمْلُوءِ مِسْكًا، وَأَمَّا وَضْعُهُ عِنْدَ نُغْضِ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ فَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مَدْخَلُ الشَّيْطَانِ وَمَحَلُّ وَسْوَسَتِهِ. (مِثْلَ الْجُمْعِ): بِضَمِّ جِيمٍ وَسُكُونِ مِيمٍ وَجَوَّزَ الْكِسَائِيُّ كَسْرَ الْجِيمِ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ الْخَاتَمِ فِي النِّهَايَةِ، يُرِيدُ مِثْلَ جَمْعِ الْكَفِّ، وَهُوَ أَنْ تَجْمَعَ الْأَصَابِعَ وَتَضُمَّهَا، يُقَالُ ضَرَبَهَا بِجُمْعِ كَفِّهِ بِضَمِّ الْجِيمِ، انْتَهَى. فَهُوَ فُعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالذُّخْرِ بِمَعْنَى الْمَذْخُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا بِهِ فِي الْمِقْدَارِ وَأَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا فِي الْهَيْئَةِ الْمَجْمُوعَةِ وَهُوَ أَنْسَبُ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ: «زِرُّ الْحَجْلَةِ» إِلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خُطُوطٌ كَمَا يَظْهَرُ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ الْمَجْمُوعَةِ كُلُّ خَطٍّ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ كَأَنَّهُ جَمْعُ كَفٍّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ كَأَنَّهُ جُمْعُ يَعْنِي الْكَفَّ الْجُمْعَ، وَقَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى كَفِّهِ. وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ عَنْهُ: فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ عَلَى نُغْضِ الْكَتِفِ بِمِثْلِ الْجُمْعِ. قَالَ حَمَّادٌ: جُمْعُ الْكَفِّ وَجَمَعَ حَمَّادٌ كَفَّهُ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. (حَوْلَهَا): أَيْ حَوْلَ الْخَاتَمِ وَأُنِّثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ: «كَانَ الْخَاتَمُ بَضْعَةً نَاشِزَةً»، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيِّ: أَيْ حَوْلَ الْمِثْلِ أَوْ حَوْلَ الْجُمْعِ، وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الشَّعَرَاتِ أَوْ أَجْزَاءَ تَتَصَوَّرُ فِي الْجَمْعِ فَفِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ. وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ الْعِصَامِ: أَيْ حَوْلَ الْخَاتَمِ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ النُّبُوَّةِ. فَاحْفَظْهُ فَإِنَّ تَوْجِيهَ تَأْنِيثِ هَذَا
1 / 72