160

Jamʿ al-wasāʾil fī sharḥ al-shamāʾil ṭ. al-maṭbaʿa al-adabiyya

جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية

Publisher

المطبعة الشرفية - مصر

Publisher Location

طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته

يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ) قَالَ مِيرَكُ: هُمَا ذَاتُ الْفُضُولِ وَالْفِضَّةُ، كَمَا رَوَاهُ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ (فَنَهَضَ) كَمَنَعَ أَيْ قَامَ، وَنَهَضَ النَّبْتُ أَيِ: اسْتَوَى عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، أَيْ فَأَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ (إِلَى الصَّخْرَةِ) أَيْ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهَا لِيَسْتَعْلِيَهَا فَيَرَاهُ النَّاسُ فَيَعْلَمُونَ حَيَاتَهُ، وَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ (فَلَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الصَّخْرَةِ لِثِقَلِ دِرْعَيْهِ، أَوْ لِضَعْفٍ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ آلَامُ ضُرُوبٍ وَصَلَتْ إِلَيْهِ، وَكَثْرَةُ دَمٍ سَائِلٍ مِنْ رَأَسِهِ وَجَبْهَتِهِ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ حَجَرٍ رُمِيَ بِهِ، حَتَّى سَقَطَ بَيْنَ الْقَتْلَى (فَأَقْعَدَ طَلْحَةَ) أَيْ أَجْلَسَهُ (تَحْتَهُ فَصَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ طَلَعَ بِإِمْدَادِهِ (النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى اسْتَوَى) أَيْ تَمَكَّنَ وَاسْتَقَرَّ (عَلَى الصَّخْرَةِ) وَهِيَ حَجَرٌ عَظِيمٌ يَكُونُ غَالِبًا فِي سَفْحِ الْجَبَلِ (قَالَ) أَيِ الرَّاوِي (فَسَمِعْتُ) بِالْفَاءِ عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ وَالنُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَعَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ مِيرَكُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَجَعَلَ الْعِصَامُ أَصْلَهُ سَمِعْتُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي نُسْخَةٍ فَسَمِعْتُ (النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ أَوْجَبَ طَلْحَةُ) أَيْ لِنَفْسِهِ الْجَنَّةَ أَوِ الشَّفَاعَةَ أَوِ الْمَثُوبَةَ الْعَظِيمَةَ بِفِعْلِهِ هَذَا، أَوْ بِمَا فَعَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَيْثُ جَعَلَ نَفْسَهُ فِدَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى شُلَّتْ يَدُهُ وَجُرِحَ بِبِضْعٍ وَثَمَانِينَ.
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ) بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ فَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ (عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) حَضَرَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ) أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ (دِرْعَانِ قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ أَوْقَعَ الْمُظَاهَرَةَ
بَيْنَهُمَا بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَبِسَ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهُ مِنَ التَّظَاهُرِ بِمَعْنَى التَّعَاوُنِ، قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الظِّهَارَةُ خِلَافُ الْبِطَانَةِ، وَظَاهَرَ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ أَيْ طَارَقَ بَيْنَهُمَا وَطَابَقَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَبِسَ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى، حَتَّى صَارَتْ كَالظِّهَارَةِ لَهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِ الْحَرْبِ، وَتَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ، وَأَخْذًا لِلْحَذَرِ مِنَ الْحَذَرِ، وَفِرَارًا مِنَ الْقَضَاءِ إِلَى الْقَدْرِ، وَإِشْعَارًا بِأَنَّ الْحَزْمَ وَالتَّوَقِّيَ مِنَ الْأَعْدَاءِ لَا يُنَافِي

1 / 160