ـ[جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد]ـ
المؤلف: الإمام محمد بن سليمان المغربي المتوفى سنة ١٠٩٤ هـ
تحقيق وتخريج: أبو علي سليمان بن دريع
الناشر: مكتبة ابن كثير، الكويت - دار ابن حزم، بيروت
الطبعة: الأولى، ١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
عدد الأجزاء: ٤
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
_________
(تنبيه: هوامش النسخة الإلكترونية تختلف عن هوامش المطبوع)
Unknown page
جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد
١ - صحيح البخاري
٢ - صحيح مسلم
٣ - سُنن الترمذي
٤ - سُنن النسائي
٥ - سُنن أبي دَاود
٦ - مُوَطّأ مَالِك
٧ - مُعجَم الطبراني الكبير
٨ - مُعجَم الطبراني الأوسَط
٩ - مُعجمَ الطبراني الصغير
١٠ - مُسنَد أبي يعَلى الموصلي
١١ - مُسنَد البزار
١٢ - مُسنَد أحمد
١٣ - زوائد رزين
١٤ - سُنن الدارمي
١٥ - سُنن ابن ماجه
للإمام محمد بن سليمان المغربي المتوفى سنة ١٩٠٤ هـ
تحقيق وتخريج
أبو علي سُليمان بن دريع
الجزء الأول
مكتبة ابن كثير
دار ابن حزم
المقدمة / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة / 2
جمع الفوائد
المقدمة / 3
جميع الحقوق محفوظة للمحقق
الطبعة الأولى
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
الكتب والدراسات التي تصدرها الدار تعبر عن آراء واجتهادات أصحابها
مكتبة ابن كثير
الكويت - حَوَلي: ٣٢٠١٢ - ص ب: ١١٠٦
تلفون: ٢٦٣١٢٩٨ - فاكس: ٢٦٥٧٠٤٦
دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
بيروت - لبنان - ص ب: ٦٣٦٦/ ١٤ - تلفون: ٧٠١٩٧٤
المقدمة / 4
مقدمة المحقق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد.
"تعريف بالكتاب"
هذا كتاب جمع الفوائد وهو كتاب قيم يحتوي على خلاصة أحاديث الرسول ﷺ وقد جمع المؤلف محمد بن محمد بن سليمان رحمه الله تعالى أحاديثه من:
١ - كتاب جامع الأصول لإبن الأثير.
٢ - وكتاب مجمع الزوائد للهيثمي، بالإضافه إلى زوائد رزين.
وألغى المكرر، وجعله في كتاب واحد سماه جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد ورتب أحاديثه على حسب الأبواب الفقهية.
"الأعمال التي قمت بها"
١ - حققت المخطوط (١) وكان عملى فيه على النحو التالى:
أ- تصحيح الخطأ فى الكلمات وقد أشرت إليها ووضعت الصحيح في النص والخطأ في الحاشية.
ب- الإشارة إلى ما يوجد به من سقط.
ج- ذكر المؤلف بعض الأحاديث بالمعنى أو مختصرة، وقد أشرت إلى معظمها.
٢ - قمت بتخريج الأحاديث حسب مواردها وأصولها.
_________
(١) وقد حصلت على المخطوط من مركز المخطوطات والتراث والوثائق - فى الكويت - برقم ١٢٨١٠
المقدمة / 5
وأما أحاديث مجمع الزوائد فقد اكتفيت بتخريج المؤلف لها في نهاية كل حديث، وأضفت إلى معظمها رقمه في الأصل.
وأما مسند رزين فلم أخرجه ولم أجد من علق على أحاديثه.
٣ - وضعت تعليقا للحديث:
أ- فإذا كان الحديث في مجمع الزوائد ذكرت قول الهيثمي فيه.
ب- وإذا كان الحديث في الكتب الأربعة وهي (سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة) فقد ذكرت كلام الشيخ ناصر الدين الآلباني فيه.
٤ - وضعت فهرسة له بأطراف الحديث مرتبة على حروف المعجم.
"ملاحظات في ترقيم الأحاديث"
١ - أعتمدت للبخاري ومسلم ترقيم فؤاد عبد الباقي.
٢ - وأما السنن الأربعة فقد وضعت لها رقمين:
أ- رقمها في السنن. وقد اخترت لـ:
سنن الترمذي: ترقيم أحمد شاكر
وسنن أبي داود: ترقيم محي الدين
وسنن النسائي: ترقيم أبي غدة
وسنن ابن ماجة: ترقيم فؤاد عبد الباقي
وقد ذكرت ذلك في نهاية كل حديث.
ب- وضعت للأحاديث في الحاشية حكم الشيخ الألباني عليها ورقمه وذلك وفق ما جاء فى تخريج الشيخ الألباني للكتب الأربعة بحسب ترقيمه لكل من الصحيح والضعيف.
٣ - وأما موطأ مالك فاعتمدت ترقيم فؤاد عبدالباقي
٤ - وأما الدارمي فاعتمدت: ترقيم علمي وزمرلي
المقدمة / 6
وأما ما يختص بمجمع الزوائد
فقد وضعت لمسند الإمام أحمد رقمين:
أ- رقم في نهاية الحديث بترقيم. إحياء التراث
ب- ورقم في مجمع الزوائد بتحقيق الأستاذ عبد الله الدرويش وهو في الحاشية وأما الباقي فقد وضعت لبعضها رقمين في نهاية الحديث وهما رقمه في الأصل ورقم أخر في الحاشية وهو الذى في المجمع بترقيم الأستاذ عبد الله الدرويش.
"تنبيهات"
١ - في بعض الأحاديث قد يكون حُكم عليها بالضعف مثلًا ولكن في التخريج يكون قد ذُكر أنه أخرجه البخاري أو مسلم، والسبب في ذلك يرجع إلى اختلاف السند.
٢ - أخذت الرقم التسلسلي من المطبوع مع وجود سقط في بعض أرقامه مثل رقم "٩٨٨٠"، ولم أشر إليه لعدم الأهمية لذلك.
٣ - في تخريج الحديث اكتفيت بذكر رقم واحد لكل من خرج الحديث ومثال ذلك حديث رقم (٣٨) عن أبي هريرة قال كان رسول الله يوما بارزا للناس فأتاه رجل .... الخ رواه البخاري برقم "٤٧٧٧". فهذا الحديث ذكره مسلم في موضعين ٩، و١٠ والنسائي في موضع واحد ٤٩٩١، وابن ماجة ذكره في موضعين ٦٤، ٤٠٤٤، وأحمد ذكره في ٨٨٨٣، ٩٢١٧، ١٠٤٧٧، فذكرت لمسلم رقم واحد فقط وهو ١٠، والنسائي ٤٩٩١، وابن ماجة ٦٤، وأحمد ٨٨٨٣. لعدم الإطالة ولا يشترط أن يكون الرقم الذى اخترته هو الأقرب إلى السند أو المتن والله الموفق.
٤ - تتبعت كل حديث عزاه المؤلف إلى مصدره فأخذت الحديث من مصدره بقدر ما ذكره المؤلف دون أن أزيد كي لا يضيع الشاهد من الحديث، ثم قارنته بالمخطوط وأجد في نفسي إلحاحًا لمزيد من تتبع هذا الضبط مستقبلًا إن شاء الله تعالي. وأما أقوال أهل العلم على الحديث ومصادره فقد راجعتها وراجعها معي
المقدمة / 7
بعض طلبة العلم أكثر من مرة والله أعلم.
٥ - إن الخطأ وارد على كل بني آدم، وعلى هذا الأساس فإن وجد في الكتاب خطأ فالرجاء إرساله على هذا العنوان كي يتم التصويب. الكويت صندوق بريد (٩٣٠٠) الرمز البريدى (٢٢٠٩٣) وجزاه الله خيرًا.
"وفي الختام"
لله الحمد ﷾ على ما يسر لي من إتمام هذا العمل، وأساله ﷻ أن يتقبل منا ما عملنا، وأن ينفع الله به عموم المسلمين وأن يعفو عما بدر من خطأ أو نقص، وأن يجزي كل من ساهم فيه ولو بكلمة خير الجزاء كما أساله سبحانه أن يعينني على وضع شرح له كي يتحقق بإذن الله تعالى ما أرجوه من وجود كتاب جامع للسنة مع شرحه.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه الفقير إلى الله: أبو علي سليمان بن دريع.
٢٨ جمادى الآخر ١٤١٨
المقدمة / 8
نبذة من كتاب كشف اللثام
ذكر الدكتور: عبد الموجود محمد عبد اللطيف في كتابه كشف اللثام عن أسرار تخريج حديث سيد الأنام ﷺ، نبذة عن كتاب جمع الفوائد.
فرأيت أن أضعها مع مقدمة الكتاب لأهميتها ولشرحه الوافي عن هذه الكتب وقبل أن أبدأ في السرد، أردت أن أنوه على أن الشيخ الدكتور قال في شرحه لكتاب جمع الفوائد أنه يحتوي على أربعة عشر مصدرًا، وهي كما ذكر المؤلف بالإضافة إلى زوائد رزين، التي قد تكون سقطت من المؤلف سهوًا أو أنه لم يذكرها لأنها زوائد وليس لها أسانيد والله أعلم.
التعريف بالشيخ محمد بن الفاسي:
هو الشيخ محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسي بن طاهر السوسي الردواني المغربي، ولد بتارودنت من قرى السوسى الأقصى سنة ١٠٣٧ هـ سبع وثلاثين وألف، له رحلات، وتصانيف، توفي سنة ١٠٩٤ هـ أربع وتسعين وألف ﵀.
التعريف بالكتاب:
هو كتاب يشتمل على أربعة عشر مصدرًا، فهو جامع لمرجعين هما جامع الأصول لابن الأثير الجزري، ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمي، وعدد مصادرهما بعد حذف المكرر اثنا عشر مصدرًا:
المقدمة / 9
الموطأ، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وأبو داود، والترمذي، وهي ما يشتمل عليه "جامع الأصول"، وزوائد مسند أبي يعلى، ومسند البزار، ومسند أحمد، ومعاجم الطبراني الثلاثة، وهي مشتملات "مجمع الزوائد"، وزاد المؤلف زوائد ابن ماجه وزوائد الدارمي، وتكلم عن رجالها جرحًا وتعديلًا بما في الكاشف للإمام الذهبي، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب وكلاهما للحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهما ورتبه على ترتيب أصوله وراعى فيه الآتي:
١ - إذا كان هناك حديث مكرر في أبواب أثبته في أليق الأبواب به وحذفه في غيره إلا لفائدة أو غفلة منه.
٢ - إذا ورد في حكم أو معنى حديثان فأكثر أو روايتا حديث فأكثر فإنه يقتصر فيه على الأكثر فائدة ويحذف غيره إلا إن اشتمل على زيادة فإنه يخلص منه تلك الزيادة أو يذكره كله.
٣ - الحديث الذي تعدد من أخرجه يذكره بلفظ أحدهم وسياقه ثم تارة يذكر من له اللفظ وتارة لا يذكر.
٤ - إذا قال بضعف الحديث فإن مراده ضعف في الإسناد لا من كل وجه.
٥ - إذا قال بأن هذا الحديث فيه لين، فالمراد أن فيه من اختلف فيه أهو مقبول أم مردود.
٦ - إذا قال: فيه فلان، فالمراد ذكر اسمه ليطلب في كتب الرجال لمعرفة حكمه عدالة أو جرحًا أو جهلًا.
٧ - من لم يذكر اسمه في مجمع الزوائد ممن خفي على الهيثمي حاله وقال فيه: وفيه من لم أعرفه قال ابن الفاسي: في عزوه لفلان بخفاء.
٨ - إن لم يذكر شيئًا بعد عزو حديث غير "الجامع" فذلك الحديث مقبول حسن أو صحيح برجال الصحيح أو غيرهم.
المقدمة / 10
٩ - إذا قال: لأصحاب السنن، فالمراد: سنن أبي داود والترمذي والنسائي دون ابن ماجة.
١٠ - إذا قال: للطبراني، فالمراد في معاجمه الثلاثة.
١١ - ما كان من حديث في "مجمعٍ الزوائد"، أو "الدارمي" أو
ابن ماجة، وكان بعض رواته كذابًا أو متهمًا أو متروكًا أو منكرًا فإنه لا يخرجه لكونه في حكم العدم.
١٢ - إذا عبر الراوي في صيغة أدائه بنحو: سمعت النبي ﷺ أو: قال، أو: عن، قال بعد ذلك الراوي رفعه إن كان صحابيًا وأرسله إن كان غير ذلك.
طريقته في تخريج الحديث:
١ - يلتزم في عزو الحديث إلى المصدر ذكر ذلك المصدر صراحة دون الرمز والإشارة.
٢ - يستخدم الإجمال في العزو إلى المصدر.
المصادر التي يعتمد عليها في تخريجه:
١ - جامع الأصول، ومشتملاته لابن الأثير الجزري.
٢ - مجمع الزوائد ومشتملاته للحافظ الهيثمي.
٣ - زوائد ابن ماجة، وزوائد الدارمي.
كيفية تخريج الحديث على ضوء هذا الكتاب:
ويكون بطريق الاستنباط الفقهي، وبالنسبة لحديثنا "من كان يؤمن بالله ... إلخ" فإنه لا يوجد فيه نص رواية أبي شريح التي سبق ذكرها وإنما أورد فيه عنه رواية بألفاظ مختلفة: وذلك في أحد الاستنباطات التي سقناها وهو رقم (٤) وهو كتاب "البر والصلة" باب الرحمة والضيافة والزيارة، علينا بعد ذلك أن نرجع إلى المصدر الأصلي الذي عزا إليه لتخريج الحديث الزائد منه، عزوه بالطريقة الصحيحة كما بينا.
المقدمة / 11
ترجمة مؤلف جمع الفوائد رحمه الله تعالى من خلاصة الأثر للمحبي (٤/ ٢٠٤)
هو محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسى- وهو اسم له لا نسبه إلى فاس - طاهر السوسي الروداني المغربي المالكي نزيل الحرمين الإمام الجليل المحدث المفنن، فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع بين منطوقها ومفهومها والمالك لمجهولها ومعلومها، ولد في سنة سبع وثلاثين وألف بتارودنت بتاء مثناة من فوق بعدها ألف ثم راء مضمومة فواو ثم دال مهملة مفتوحة فنون ومثناة من فوق ساكنتان، قرية بسوس الأقصى وقرأ بالمغرب على كبار المشايخ من أجلهم قاضي القضاة مفتي مراكش ومحققها أبومهدى عيسى السكناني والعلامة محمد بن سعيد المريغني المركاشي ومحمد بن أبي بكر الدلائي وشيخ الإسلام سعيد بن إبراهيم المعروف بقدروه مفتي الجزائر وهو أجل مشايخه، ولازم العلامة أبا عبدالله محمد بن ناصر الدرعي أربعة أعوام في التفسير والحديث والفقه والتصوف وغيرها وصحبه وتخرج به. ثم رحل إلى المشرق ودخل مصر وأخذ عمن بها من أعيان العلماء كالنور الأجهوري والشهابين الخفاجي والقليوبي والمسند المعمر محمد بن أحمد الشوبري والشيخ سلطان وغيرهم وأجازوه، ثم رحل إلى الحرمين وجاور بمكة والمدينة سنين عديدة وهو مكب على التصنيف والإقراء، ثم توجه إلى الروم في سنة
المقدمة / 13
إحدى وثمانين وألف صحبة مصطفى بيك أخى الوزير الفاضل، ومر بطريقه على الرملة وأخذ بها عن شيخ الحنفية خير الدين الرملي وبدمشق عن نقيب الشام وعالمها السيد محمد بن حمزة والمسند المعمر محمد بن بدر الدين بن بلبان الحنبلي ولما وصل إلى الروم حظى عند الوزير ومن دونه ومكث ثمه نحو سنة، ورجع إلى مكة المشرفة مجللا، وحصلت له الرياسة العظيمة التى لم يعهد مثلها، وفوض إليه النظر في أمور الحرمين مدة حتى صار شريف مكة لا يصدر إلا عن رأيه، وأنيطت به الأمور العامة والخاصة إلى أن مات الوزير فرق حاله وتنزل عما كان فيه. ثم ورد أمر السلطان إلى مكة سنة ثلاثة وتسعين وألف بإخراجه منها إلى بيت المقدس، وسببه عرض الشريف بركات أمير مكة فيه إلى السلطنة وطلب إخراجه من مكة بعد أن كان بينهم من المرابطه ما كان وعلى يده تمت له الشرافة ونهض الحظ وكان يوم ورود الأمر يوم عيد الفطر فألح عليه الشريف سعيد بن بركات شريف مكة يوم إذ وقاضى مكة في أمتثال الأمر السلطاني، فمتنع من الخروج في هذه الحالة وتعلل بالخوف من قطاع الطريق فأبى أن يسلم نفسه وماله فأمهل بعد علاج شديد وتشفع عند بعض الأشراف إلى مخرج الحج. ثم توجه صحبة الركب الشامي وأبقى أهله بمكة وأقام في دمشق في دار نقيب الأشراف سيدنا عبد الكريم بن حمزة حرص الله جانبه وجعل طوع أمره مجانبه، وأجتمعت به ثمة مره صاحبه فاضل العصر ودرة قلادة الفخر المولى أحمد بن لطفي المنجم المولوي نضرالله به وجه الفضائل وأبقاه مغبوطة به الأواخر من الأوائل، فرأيت مهابة العلم قد أخذت باطرافه وحلاوة المنطق في محاسن أوصافه. وأستمر بدمشق مدة
المقدمة / 14
منفرد بنفسه لا يجتمع إلا بما قل من الناس وأشتغل مدة إقامته بتأليف كتاب الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ على طريقة ابن الأثير في جامع الأصول إلا أنه أستوعب الروايات من الكتب الستة ولم يختصر كما فعل ابن الأثير، وله من التآليف الشاهدة بتبحره ودقة نظره مختصر التحرير في أصول الحنفية لابن الهمام وشرحه، ومختصر تلخيص المفتاح وشرحه والمختصر الذى ألفه في الهيئة والحاشية على التسهيل، والحاشية على التوضيح. وله منظومة في علم الميقات وشرحها، وله جدول جمع فيه مسائل العروض كلها وأخترع كرة عظيمة فاقت على الكرة القديمة والأسطرلاب، وانتشر في الهند واليمن والحجاز، وغير ذلك من الرسائل. وله فهرست يجمع مروياته وأشياخه سماها: صلة الخلف بموصول السلف، ذكر فيه أنه وقع له بالمغرب غرائب، منها أنه كان مجتازا على بلد العارف بالله تعالى أبى عبدالله محمد بن محمد الواورغتي الناولي وهو قاصد بلد أخرى فسأل عن البلد، فقيل له إن فيها شيخا مربيا صفته كذا وكذا، قال: فجذبني الشوق إليه ولم أملك نفسي حتى دخلت بلده فلما دخلت عليه ولقيته أمرني بملازمته ومذاكرة أولاده بالعلم، فقلت له: إنى طلبت كثيرا لكن إلى الآن ما فتح الله تعالى علي بشيء ولا أقدر على أستخراج كتابا ولا الأجرومية، وكنت إذ ذاك كذالك فقال لي: أجلس عندنا وأدرس أي كتاب شئت في أي علم شئت، ونطلب من الله تعالى أن يفتح لك فجلست ودرست طائفة من الكتب التى قرأتها، وكنت إذا توقفت في شيئ أحس بمعان تلقى على قلبي كأنها أجرام، وغالب تلك المعاني هي التي كانت مشايخنا تقررها لنا ولا نفهما ولا أتذكرها قبل ذلك، وأما علوم الأدب فإليه
المقدمة / 15
النهاية فهيا، وكان صاحب الترجمة في الحكمة المنطق الطبيعي والإلهي الأستاذ الذي لا تنال مرتبته بالإكتساب، وكان يتقن فنون الرياضة إقليدس والهيأة والمخروطات والمتوصطات والمحبسات والمجسطي، ويعرف أنواع الحساب والمقابلة والأرتماطيقي وطريق الخطاءين والموسيقى والمساحة معرفة لا يشاركه فيه غيره إلا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها وكان يبحث في العربية والتصريف بحثا تاما مستوفيا، وكان له في التفسير وأسماء الرجال وما يتعلق به يد طائلة، وكان يحفظ في التواريخ وأيام العرب ووقائعهم والأشعار والمحاضرات شيئا كثيرا، وكان في العلوم الغريبة كالرمل والأوفاق والحروف والسيميا والكيميا حاذقا أتم الحذق، وبالجملة فقد كان كما قال الشاعر في المعنى: وكان من العلوم بحيث يقضى: له في كل علم بالجميع وقد أخذ عنه بمكة والمدينة والروم خلق ومدحه جماعة وأثنوا عليه، وكانت وفاته بدمشق يوم الأحد عاشر ذي القعدة سنة أربع وتسعين وألف ودفن بالتربة المعروفة بالإيجية بسفح قسيون بوصية منه. انتهي بحذف. وكتابه "صلة الخلف بموصول السلف" نادرة في بابها جودة وأختيارا وترتيبا، ليس في فهارس أهل ذلك القرن - الحادى عشر- بالمشرق والمغرب ما يشابهها أو يقاربها عدا كنز أبي مهدي الثعلبي فإنه أجمع وأوسع، وبالجملة فنفسه فيها نفس المتقدمين، قال عنه الشمس ابن عابدين في "عقود اللألي" إنه سلك فيها سبيل الأطناب وأتى فيها بالعجب العجاب، أ هـ، ومعتمده فيها غالبا أسانيد الشمش بن طولون محدث الشام، أبتدئها بأسانيده العمومية إلى كبار المسندين، كابن حجر، ثم بحديث الأولية، ثم بأسانيد الكتب
المقدمة / 16
العشرة، ثم أسانيد المصنفات مرتبة على حروف المعجم، ثم ختمها بأسانيده للفقه على المذاهب الأربعة وبقية العلوم.
ذكره الكتاني في فهرس الفهارس والإثبات، (١/ ٢٤٦)
المقدمة / 17
مقدمة مؤلف الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم، يارب لك الحمد لك كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبط به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد: فهذا (جمع الفوائد من جامع الاصول ومجمع الزوائد)، الأول للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري الموصلي، ﵀، جمع فيه ما في تجريد رزين بن معاوية للأصول الستة، بإبدال ابن ماجة (بالموطأ)، وما نقصه رزين منها، وعزى كل حديث إلى مخرجه، سوى ما زاده، أعني ما في (تجريد) رزين، ولم يجده ابن الأثير في الأصول الستة، فإنه بيض له مكانا، حتى إذا عثر على مخرجه عزاه إليه فيه، ورتبه على ترتيب بديع، لكن لغموض دقة وضعه، واتساع حجمه في جمعه، قل أن ينتفع به إلا ذو فكرة ذكية وحافظة واعية، وأما الثاني فللحافظ نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي ﵀، جمع فيه ما في مسند الإمام أحمد وأبي يعلى الموصلى، وأبي بكر البزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة من الاحاديث الزائدة على ما في الأصول الستة، بجعل ابن ماجة هاهنا دون الموطأ، وعقب كل حديث بالكلام على رواته تعديلا وتجريحا، فجاء حجمه في ستة مجلدات، يتناهز (بجامع الأصول)، فتجشمت هذا المجمع منهما، لضيق وسعي عن الإحاطة بكل ما فيهما، فاقتضى الجمع أن أضيف إليهما سنن ابن ماجة، لكن لكون (جامع الأصول) أخرجه ممن الستة، فلم يذكر ما فيه، وكون
المقدمة / 19
(مجمع الزوائد) أدخله فلم يذكر زوائده، لم يحسن مني أن أضيف كله على (الجامع) أو زوائده إلى (المجمع)، لأن ذلك كجبر لأحدهما على خلاف مراده، فلهذا أفردت زوائده، وعزوته إليه، ولما كان اختلاف القوم في سادس الستة، أهو ابن ماجة أو الموطأ، أو مسند مسند الدارمي، راعيت هذا الخلاف، فأضفت لذلك أيضا زوائد الدارمي مفردة، إلا أن يتفق مع ابن ماجة فأجمعهما، وتكلمت على رجالهما تجريحا وتعديلا بما في (الكاشف) للذهبي، و(تهذيب التهذيب)، و(التقريب) للحافظ (ابن حجر) وغيرها، ورتبته على الترتيب أصوله، لكونه مؤلف طبعي دون ترتيب (الجامع)، وأينما عثرت على حديث مكرر عندهم في أبواب أثبته في أليق تلك الأبواب به، وحذفته في غيرها إلا لفائدة، أو غفلة من، ي كما فعل مسلم ﵀، وأينما ورد في حكم أو معنى حديثان فأكثر، أو روايتا حديث فأكثر فإني أقتصر فيه على ما هو أكثر فائدة من تلك الأحاديث، أو الروايات، وأحذف غيره إلا إن أشتمل على زيادة، فإني أخلص منه تلك الزيادة، أو أذكره كله، والحديث الذي تعدد من أخرجه أذكره بلفظ أحدهم، وسياقه، ثم تارة أذكر من له اللفظ، وتارة لا أذكره، وحيث قلت: بضعف مثلا فمرادي أن في إسناد ذلك الحديث من ضعف من رواته، لا أن الحديث ضعيف من كل وجه، إذ كثيرا ما يكون الراوي ضعيفا والحديث يكتنف بما يرقيه عن الضعف، كتعدد طرقه أو المتابعات أو الشواهد، أو قلت: بلين، فالمراد أن فيه من اختلف فيه، أهو مقبول أو مردود، أو فيه فلان فالمراد ذكر اسمه ليُطلب في كتب الرجال لمعرفة حكمه عدالة أو جرحًا أو جهلًا ومَن لم يذكر اسمه في "مجمع الزوائد" ممن خفي على الهيثمي حاله، وقال فيه: وفيه من لم أعرفه. قلت أنا في عزوه: لفلان بخفاء. وإن لم أذكر شيئًا بعد عزو حديث عن "الجامع"، فذلك الحديث مقبول: حسن أو صحيح برجال الصحيح أو غيرهم. وحيث قلت: لأصحاب السنن. فالمراد: سنن
المقدمة / 20
أبي داود، والترمذي، والنسائي دون ابن ماجة لما مر، أو قلت للطبراني فالحديث في معاجمه الثلاثة، الكبير والأوسط والصغير وما كان من حديث في (المجمع) أو الدارمي أو ابن ماجة، وكان بعض رواته كذابا، أو متهما، أو متروكا، أو منكرا، فإني لا أخرجه لكونه في حكم العدم هنا، وإذا عبر الراوي في صيغة أدائه بنحو سمعت النبي ﷺ أو قال أو عن، قلت أنا بعد ذكر الراوي رفعه إن كان صحابيا أو أرسله إن كان غيره، وأكتب فوق كل راو ﵁ بلا حبر، فلا يترك القارئ قراءته، ولا الناسخ ملاحظته، وما سوى ذلك مما دعت إليه حاجة الإختصار، ويكفي في معرفته ممارسة الكتاب، إن شاء الله تعالى، وأسأل الله تعالى بما فيه ومن جاء به ومن آمن به أن يجعله لي ولمن خدمه منهجا لا بنتهي بنا دون حضرة شهوده، وفي مقعد صدق عند مليك مقتدر.
المقدمة / 21