٣ - الثَّالِث: حَدِيث الرحل: عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: جَاءَ أَبُو بكر إِلَى أبي فِي منزله فَاشْترى مِنْهُ رحلًا، فَقَالَ لعازبٍ: ابْعَثْ معي ابْنك يحملهُ معي إِلَى منزلي، فَقَالَ لي أبي: احمله، فَحَملته، وَخرج أبي مَعَه ينْتَقد ثمنه، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا أَبَا بكر، كَيفَ صنعتما لَيْلَة سريت مَعَ رَسُول الله ﷺ؟ قَالَ: نعم، أسرينا ليلتنا كلهَا حَتَّى قَامَ قَائِم الظهيرة، وخلا الطَّرِيق فَلَا يمر فِيهِ أحد، حَتَّى رفعت لنا صخرةٌ طويلةٌ لَهَا ظلٌّ لم تأت عَلَيْهِ الشَّمْس بعد، فنزلنا عِنْدهَا، فَأتيت الصَّخْرَة، فسويت بيَدي مَكَانا ينَام فِيهِ رَسُول الله ﷺ فِي ظلها، ثمَّ بسطت عَلَيْهِ فَرْوَة، ثمَّ قلت: نم يَا رَسُول الله وَأَنا أنفض لَك مَا حولك، فَنَامَ، وَخرجت أنفض مَا حوله، فَإِذا أَنا براعٍ مقبلٍ بغنمه إِلَى الصَّخْرَة يُرِيد مِنْهَا الَّذِي أردنَا، فَلَقِيته فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام؟ فَقَالَ: لرجل من أهل الْمَدِينَة. فَقلت: أَفِي غنمك لبن؟ قَالَ: نعم. قلت: أفتحلب لي؟ قَالَ: نعم، فَأخذ شَاة، فَقلت: انفض الضَّرع من الشّعْر وَالتُّرَاب والقذى - قَالَ: فَرَأَيْت الْبَراء يضْرب بِيَدِهِ على الْأُخْرَى ينفض - فَحلبَ لي فِي قعبٍ مَعَه كثبةً من لبن، قَالَ: وَمَعِي إداوةٌ أرتوي فِيهَا للنَّبِي ﷺ ليشْرب مِنْهَا وَيتَوَضَّأ. قَالَ: فَأتيت النَّبِي ﷺ وكرهت أَن أوقظه من نَومه، فوقفت حَتَّى اسْتَيْقَظَ، وَفِي أُخْرَى: فوافقته حِين اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْت على اللَّبن من المَاء حَتَّى برد أَسْفَله، فَقلت: يَا رَسُول الله، اشرب من هَذَا اللَّبن، قَالَ: فَشرب حَتَّى رضيت، ثمَّ قَالَ: " ألم يَأن للرحيل؟ " قلت: بلَى. قَالَ: فارتحلنا بعد مَا زَالَت الشَّمْس، وَاتَّبَعنَا سراقَة بن مَالك وَنحن فِي جلدٍ من الأَرْض، فَقلت: يَا رَسُول الله أَتَيْنَا، فَقَالَ: " لَا تحزن، إِن الله مَعنا ". فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله ﷺ، فارتطمت فرسه إِلَى بَطنهَا - أرى - فَقَالَ: إِنِّي قد علمت أنكما قد دعوتما عَليّ، فَادعوا
1 / 82