وليس الطريق الذي يحتاج إليه في تعرف شيء مما يخفی عن الحس بصغير، ولا قريب، لكن الذي يريد أن يصل إلی ذلك علی ما ينبغي، قد يحتاج إلی علم التشريح حتی يعلم به ما طبيعة كل واحد من الأعضاء الباطنة. ويحتاج أيضا إلی علم طبيعي كثير حتی يعلم ما فعل كل واحد من الأعضاء وما منفعته. لأنه ليس يمكن أحد أن يصل إلی معرفة مرض عضو من الأعضاء الباطنة دون أن يقف علی هذه الأشياء، ويعرفها. ولست أحتاج إلی أن أقول إنه يحتاج في هذه الأشياء إلی علم المنطق حاجة شديدة، ليعلم الناظر علما شافيا أي شيء ينتج عن كل خبرين، ولا يعتريه في حال من الأحوال شيء من الأغاليط، لا من غيره، ولا من نفسه. فإن الإنسان ربما غلط نفسه من غير إرادة منه لذلك.
وإني لمشتاق إلی أن أسئلهم — إن كانوا يعلمون الكلام — ما الانبعاث؟
وذلك أني لست أری أنه يكتفي بهذا وحده الذي قاله قوم منهم:
إنه حال ما خارجة عن المجری الطبيعي.
لأنا إن لم نعلم: أي حال هي، لم يحصل بعد في أيدينا شيء.
أتری تلك الحال استرخاء، أو لينا، أو تخلخلا.
Page 76