وتكون أنت حينئذ قد ظفرت ظفر انبي قاذامس.
وإن كنت تقول — كما قد سمعتك منذ أول كلامك — إن كل أمر خفي فلا يحتاج إليه، وتقر بأنك إنما تتبع وتلزم الأمور الظاهرة المكشوفة، فعلي أن أريك غلطك بأن أذكرك بشيء ظاهر: وهو أن رجلين عضهما كلب كلب، فذهب كل واحد منهما إلی معرفة له من الأطباء يطلب منه مداواته. وكان الجرح في كل واحد منهما يسيرا جدا، حتی أنه لم يكن نفذ في ثخن الجلد كله، فقصد أحد الطبيبين بالعلاج إلی الجرح وحده، ولم يبحث عن شيء سواه، فلم يمر بالعضو الذي فيه العضة إلا أيام يسيرة حتی برئ منها. وعلم الطبيب الآخر أن الكلب الذي عض الرجل كان كلبا، فلم يبادر إلی إدمال الجرح. وبلغ من بعده من القصد لذلك أنه جعل يعظم الجرح ويوسعه دائما أولا فأولا، ويستعمل الأدوية القوية الحادة التي من شأنها أن تجتذب السم وتجففه. وعانی ذلك زمانا طويلا. وحمل المعضوض في ذلك الزمان علی شرب الأدوية التي زعم أنها تنفع من عضة الكلب الكلب.
Page 62