============================================================
قلوب القوم هناك، فيستقبلونك ويقولون لك: يهنيك سلامتك ويقبلون بين عينيك، ثم تخرج يد اللطف من داخل الباب فتستقبلك، وتحملك حملا وتزقك رقا، وتقبل عليك، وتطعمك وتسقيك وتطيبك، ثم تخرجك وتقعدك على الباب متفرجا منتظرا لمن يأتي من المريدين الطالبين، فيأخذ بيدك ويسلمك إلى اليد التي (1/192) تسلمتك في حال قدومك / فإذا صح لك هذا فابرز إلى الخلق وكن بينهم كالطبيب بين المرضى، وكالعاقل بين المجانين، وكالأب الشفيق بين أولاده. قبل هذا لا كرامة لك، تكون منافقا لهم، عبدا لهم، تابعا لأغراضهم، تظن أنك تداويهم وأنت مشرك بهم، تصير مداواتك لهم عقوبة لك؛ لأنها بالجهل وعدم الصنعة.
قال النبي: "من عبد الله بالجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح"(28) .
يا غلام: تكلم فيما يعنيك ودع الكلام فيما لا يعنيك. لو عرفت الله عز وجل كثر خوفك منه، وقل كلامك بين يديه، ولهذا قال النبي : "من عرف الله عز وجل كل لسانه"(29) يعني: يخرس لسان نفسه وهواه وطبعه وعاداته وكذبه (192/ب) وبهتانه وزوره، وينطق/ لسان قلبه وسره ومعانيه وصدقه وصفائه، يخرس لسان باطله، ويتكلم لسان حقه، يخرس لسان كلامه فيما لا يعنيه، وينطق لسان قلبه فيما يعنيه. يخرس لسان طلبه لنفسه وينطق لسان طلبه للحق. في بداية المعرفة ينقطع (28) ذكره الدارمي في السنن، باب من قال العلم الخشية وتقوى الله، 1/،91 وقال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل المدينة أنه من تعبد بغير علم كان ما يفسد اكثر مما يصلح.
ومن عذ كلامه من عمله قل كلامه إلا في ما يعنيه، ومن جعل دينه غرضا للخصومة كثر تنقله وقد ذكره القاري، 505 وقال: من كلام ضرار بن الأزور. وذكره العجلوني في الكشف،253 (29) ذكره العجلوني في الكشف، ،2533 بلفظ (من عرف نفسه كل لسانه). وقال: قال القاري نقلا عن السيوطى: ليس بثابت
Page 204