============================================================
اس عن بعض الصالحين أنه قال: (المنافق يبقى على حالة واحدة أربعين سنة .
والصديق يتغير في كل يوم أربعين مرة). المنافق قائم مع نفسه وهواه وطبعه وشيطانه ودنياه في خدمتهم، لا يخرج هم عن رأي، ولا يخالف لهم قولا، كل همه الأكل والشرب واللبس والنكاح والجمع، لا يبالي من أي طريق حصل ذلك.
يعمر جسده ودنياه، ويخرب قلبه ودينه. يرضي الخلق ويسخط الخالق. كلما دام ن فاقه قسا قلبه واسود؛ فلا يتحرك ولا ينزعج بموعظة ولا يتعظ من عظة، ولا يتذكر من تذكرة، فلا جرم يبقى على حالة واحدة أربعين سنة. وأما الصديق يتغير في كل ال يوم أربعين مرة؛ لأنه قائم مع مقلب القلوب، غائص في بحر/ قدرته، ترفعه [1/189] موجة وتحطه أخرى، هو في تصاريف الحق عز وجل وتقاليبه كالريشة في الفلاة، وكحمامة الزرع وكالميت بين يدي الغاسل، والطفل في حجر الظئر(25)، وكالكرة بين يدي صولجان(26) الفارس، قد سلم ظاهره وباطنه إليه ورضي بتدبيره وتوليه له، لا يهم في أكله ونومه وشهواته؛ بل همه خدمة ربه عز وجل ورضاه عنه؛ ولهذا قال بعضهم: (القوم أكلهم اكل المرضى، ونومهم نوم الغرقى، وكلامهم ضرورة). كيف لا يكونون هكذا وقد شاهدوا بقلوبهم ما لا يشاهده غيرهم. نسوا ما سوى ربهم عز وجل. غابوا عن الدنيا والآخرة وما سواه. خيموا على بابه، (25) الظئر: المرأة العاطفة على غير ولدها، والمرضعة له من الإنسان ومن الحيوان.
انظر التاج مادة (ظش.
(26) هي خشبة معكوفة الاخر يمسك الفارس بطرفها ويضرب الكرة وهو راكب الخيل بطرفها المعكوف، وتسمى هذه اللعبة لعبة الكرة والصولجان وقد اعتنى بها العرب نظرا لما فيها من تدريب للفارس والفرس
Page 201