============================================================
وجعلها الله عز وجل معجزة للخلق وتقوية لنبوته، وتصحيحا بها وأنحله(98) ما خصه بأشياء أخر كان موسى عليه السلام إذا تعب حملته كالدابة له ولما معه. وإذا عرض له نهر صارت له جسرا يعبر عليها، وإذا جاءه عدو قاتلت عنه. يوم يرعى الغنم في برية قفراء وحده بلا مؤنس غير ربه عز وجل، فغلبه النوم فنام، فانتبه فرآى في (172/ب] رأس العصال أثر الدم ففتش حوله فرأى حية عظيمة مقتولة، فشكر الله عز وجل على دفعها عنه. وكان إذا جاع صارت شجرة وأثمرت في الحال، يأكل على قدر كفايته. وإذا عطش صارت نهرا فيشرب منه على قدر كفايته. وكان إذا آذاه حر الشمس تركها إلى جنبه فظللته. هكذا هذا العبد، إذا صح قلبه وصلح لربه عز وجل جعل فيه منافع للخلق عامة وله خاصة. نفع خاص وعام: ما ظهر للخلق وما بطن، له الجهر للخلق، والسر له، هذا الأمر أوله لا إله إلا الله محمد رسول الله، وآخره استواء الحمد والذم والخير والشر، والنفع والضر والقبول والرد وإقبال الخلق وإدبارهم، صحح(99) الأول حتى يصح الثاني. إذا لم يثبت (1/173ا قدمك على الدرجة الأولى كيف تترقى إلى الثانية. الأعمال بخواتيمها، ( قولك لا إله إلا الله محمد رسول الله دعوى فأين البينة؟! وهي التوحيد والإخلاص مع إحكام الحكم وإعطائه حقه.
(98) أنحله نحلا: أعطاه عطيه، والنحل: جميع أنواع العطاء. ذكر الخازن في تفسيره 236/3 في قوله تعالى: { ولي فيها مآرب أخرى} أي حاجة ومنافع اخرى، وأراد بالمآرب ما كان يستعمل فيه العصا في السفر، فكان يحمل بها الزاد، ويشد بها الحبل، ويستقي بها الماء من البثر، ويقتل بها الحيات، ويحارب بها السباع، ويستظل بها إذا قعد. كانت تماشيه وتحدثه كان يضرب بها الأرض فيخرج له ما ياكل يومه. وإذا اشتهى ثمرة ركزها فتصير غصن تلك الشجرة وتورق وتثمر، وكانت تضيء بالليل كالسراج، وإذا ظهر له عدو كانت تحارب وتناضل عنه.
99) في (ا): صح.
18
Page 184