============================================================
ويلك تدعي أنك متق وأنت تارك للورع . المتورع يترك أشياء كثيرة خوفا من الوقوع في الحرام والشبهة، يعاقبه الله عز وجل بأدن ترخص. مرؤت يوما على) (137/ ب] قرية وحوها ذرة مزروعة فمدذت يدي فأخذت قصبة من قصب الذرة حتى أمصها، فإذا جاءني رجلان من أهل القرية، ومع كل واحد منهما عصا، فضرباني حى وقعت على الأرض، فعاهدت الله عز وجل في تلك الساعة أني لا أعود اترخص فيما يخصني، لأن الشرع قد أباح للمجتاز على الزروع والشمار أن يأكل منها قدر الحاجة، ولا يأخذ منه شيئا، فهذه رخصة عامة، ولكني لم أترك مع هذه الرخصة، وطولبت بالعزيمة ودقيق الورع.
كل من يذكر الموت يكثر ورعه، وتقل رخصته، وتكثر عزيمته. ذكر الموت دواء لأمراض النفس ومنفعه. على رأسها بقيت سنين اكثر من ذكر الموت ليلاونهارا؛ فإني أفلحت بذكري له، وقهرت نفسي بذكره. ففي بعض تلك /1/1487] الليالي ذكرت الموت وبكيت من أول الليل إلى سحره، وكنت في تلك الليلة أبكي واقول: إلهي أسألك أن لا يقبض ملك الموت روحي و[أن) تتولى قبضها أنت، فغفت عيناي وقت السحر فرأيت رجلا شيخا بهيا له سمت حسن، قد دخل علي من الباب، وقلت له: من تكون؟ فقال: أنا ملك الموت. فقلت له: إني سألت الله عز وجل أن يتولى قبض روحي ولا تقبضها أنت، فقال: ولم سألته ذلك؟ أي ذنب لي؟ إن أنا إلا عبد مأمور، أومر بالرفق بقوم، وبالفظاظة على قوم. وعانقني وبكا وبكيت معه، ثم انتبهت وأنا أبكي دعوا عنكم الهوس، هذا لا يجيء بالتحلي والتمني ولقلقة اللسان، إن كنت قاعدا على هذا الطبق وعلى هذا المنهل فكل واشرب ( وأطعم واسق. وإن كنت (138/ب] سمعت بهما سماعا فاسكت، لا تخبر عن شيء لم تره، ولاتدع الناس إلى دعوة غيرك. لا تدع الناس إلى بيت فارغ فيضحكوا عليك. إرمنا من جعبتك، أنفق علينا من كيسك، من كسبك وعرق جبينك. لا تطعمنا من عملتك التي سرقتها
Page 151