332

Jalāʾ al-ʿaynayn fī muḥākamat al-Aḥmadayn

جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

Publisher

مطبعة المدني

وهو سبحانه ليس كفؤ في شئ من أمور، فهو موصوف بصفات الكمال على وجه التفضيل، منزه فيها عن التشبييه والتمثيل، ومنزه عن النقائض مطلقًا، فإن وصفه بها من اعظم الأباطيل، وكماله من لوازم ذاته المقدسة لا يستفيده من غيره، هو المنعم على خلقه بالخلق والإنشاء وما جعله فيهم من صفات الإحياء، وخالق صفات الكمال أحق بها ممن لا كفء له فيها.
وأصل أضطراب الناس في مسألة الكلام - أن الجهمية والمعتزلة لما ناظرت الفلاسفة في مسالة حدوث العالم اعتقدوا ان ما يقوم به من الصفات والأفعال المتعاقبة لا يكون إلا حادثًا، بناء على أن مالا يتناهى لا يمكن وجوده، والتزموا أن الرب سبحانه كان في الأزل غير قادر على الفعل والكلام، بل كان ذلك ممتنعًا عليه، وكان معطلًا عن ذلك. وقد يعبرون عن ذلك بأنه كان قادرًا في الأزل على الفعل فيما لا يزال مع امتناع الفعل عليه في الأزل، فيجمعون بين النقيضين حيث يصفونه بالقدرة في حال امتناع المقدور لذاته، إذ كان الفعل يستلزم أن يكون له اولًا، والأزل لا أول له، والجمع بين إثبات الأولية ونفيها جمع بين النقيضين. ولم يهتدوا إلى الفرق بين ما يستلزم الأولية والحدوث وهو الفعل المعين وبين ما يستلزم ذلك وهو نوع الفعل والكلام، بل هذا يكون دائمًا، وإن كان كل من آحاده حادثًا كما يكون دائمًا في المستقبل، وإن كان كل آحاده فانيًا بخلاف خالق يلزمه مخلوقه المعين دائمًا، فإن هذا هو الباطل في صريح العقل وصريح النقل.
لهذا اتفقت فطر العقلاء على إنكار ذلك، لم ينافه إلا شرذمة من المتفلسفة كابن سينا وأمثاله الذين يزعمون أن الممكن المفعول قد يكون قديمًا واجب الوجود بغيره، فخالفوا بذلك جماهير العقلاء، مع مخالفتهم أرسطو وأتباعه،

1 / 334