المتوكل أنه قال: إن أحمد ليمنعنا من بر ولده، أي لشدة ورعه عن أخذ ولده من أموال الملوك شيئًا.
(قلت): ومن زيادة ورعه ما نقله الوالد نور الله تعالى ضريحه في كتابه «الطراز المذهب» أنه كان يشرب من الآبار، لم يشرب من ماء دجله لاغتصابها الأراضي، ووقوع الماء من دلاء المستقين فيها بعد ملكهم له. ومن العجائب أنها اغتصبت أيضًا قبره ﵁ وكافة القبور المجاورة له. وما حكاه ابن الجوزي والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: أنه كان يزرع داره ويخرج الزكاة عنها في كل سنة، يذهب في ذلك إلى قول عمر أمير المؤمنين في أرض السواد، فقد روى الشعبي أنه ﵁ بعث عثمان بن حنيف فمسح السواد - أي سواد العراق - فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب، فوضع على كل جريب درهمًا وقفيزًا. ويقال: إن حدوده من لدن تخوم الموصل مارا مع الماء إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة طولًا، وأما عرضه فمنقطع الجبل من حلوان إلى منتهى طرف القادسية المتصل بالعذيب من أرض العرب.
قال الخطيب بعد كلام كثير، ما منه: أنه ذكر غير واحد من العلماء ان بغداد دار غصب، وان أنقاض أبنيتها تباع دون الأرض، لأن الأنقاض ملك لأصحابها، واما الأرض فلا حق لهم فيها إذ كانت غصبًا.
وأجازت طائفة بيعها، وأحتجت بأن عمر ﵁ أقر السواد في أيدى أهله، وجعل أخذ الخراج منهم عوضًا عن ذلك. ثم قال: وتحصل أن أرض بغداد ملك لأربابها، يصح أن تورث وتستغل وتباع، وعلى ذلك من أدركنا من العلماء والقضاة والشهود والفقهاء، وبهم يقتدى - أنتهى.
وقال الإمام أحمد: ما كتبت حديثًا عن النبي ﷺ إلا وقد عملت به.
1 / 216