Jadid Fi Hikma
الجديد في الحكمة
Investigator
حميد مرعيد الكبيسي
Publisher
مطبعة جامعة بغداد
Publication Year
1403م-1982م
Publisher Location
بغداد
Genres
ويحقق برودة الأرض أنها إذا لم تتسخن بالرياح الحارة ، ولا | بأشعة الشمس والكواكب ، ولا بغير ذلك ، ظهر منها برد محسوس . | | وكونها أبرد من الماء ، والماء أبرد منها ، فمشكوك . ويؤكد ( لوحة 301 ) | كونها أبرد من الماء ، أنها أثقل منه ، وليس بقطعي ، إذ جاز أن يكون | لازدياد ثقلها سبب آخر غير شدة البرد .
وكون الاحساس ببرودة الماء أكثر ، لا يدل على أنه في نفس الأمر كذلك ، | لجواز كون ذلك لفرط وصوله إلى المسام ، فإن النار أسخن من النحاس | المذاب ، مع أن الاحساس بسخونته أشد من الاحساس بسخونة النار .
وأما الذي بحسب التقسيم الثالث ، فهو واضح ، في الثلاثة الأول ، وفي | يبوسة النار ، أو رطوبتها تردد أما يبوستها فقد استدل عليها بأن الحرارة | الشديدة ، تفني الرطوبة عن المادة ، وليس بدليل على الحقيقة ، فإن إزالة | الرطوبة إنما هو للتلطيف والتصعيد ، لا بأنها يابسة في نفسها . ثم إنها | تجعل الماء بتصييره بخارا أو هواء ، أرطب مما كان وأشد ميعانا .
فعلى هذا كان يجب أن تكون رطبة ، وأما رطوبتها فاستدل بعضهم | عليها بأنها سهلة القبول للشكل ، سهلة الترك له ، وهو ضعيف أيضا ، لأن | التي نجدها كذلك هي النار التي عندنا . وجاز أن يكون ذلك لمخالطة أجزاء | هوائية ، ويحتمل أن تكون النار البسيطة فيها يبس ما إذا قيست إلى الهواء | والماء ، وإن لم تكن يابسة بقياسها إلى الأرض .
والنار هي البالغة في الحرارة . والأرض يبسها أشد من برودها ، والماء | برده أشد من رطوبته ، بل لو ترك وطبعه لجاز جموده إن لم يسيله جسم | حار ، إلا أنه ليس جموده كجمود الأرض ، فهو رطب بالقياس إليها ، لا مطلقا . | ولو كان برد الهواء هو الذي تجمد ، لكان الهواء أبرد من الماء ، وقد بين خلافه .
ويدل على حصر العناصر في الأربع ، هو أنها إما خفيفة أو ثقيلة ، وكل | واحد منهما إما مطلق ، أو غير مطلق . فالخفيف المطلق هو الذي في طباعه أن | يتحرك إلى غاية البعد الذي يمكن أن تصل إليه هذه الأجسام مما يلي جهة | السماء ، وهو النار . والخفيف الغير المطلق هو الذي في طباعه أن يتحرك | في ذلك البعد إلى تلك الجهة ، ولكن لا إلى غايته ، وهو الهواء . |
Page 349