لكن إذا كان من الصعب أن نرى كيف يمكن للإحساسات أن تقاس أو أن تحسب بدقة، فإن الموقف بالنسبة للوجدانات أشد سوءا. ولنأخذ اللذة على سبيل المثال. إن «روس
Ross » يمثل جيدا وجهة النظر التي تزعم إمكان قياس اللذة قياسا دقيقا فهو يقول: «إننا قد نتساءل عما إذا كانت اللذات يمكن مقارنتها بعضها ببعض، وعما إذا كان من الممكن لنا أن نقول إن إحدى اللذات أعظم أو أكثر لذة من الأخرى. وإني لأعتقد أن ذلك أمر لا شك فيه. ومن ينكر ذلك يبدأ عادة بأن يسألنا أن نخبره أي اللذتين المنفصلتين تماما أعظم من الأخرى. صحيح أننا لا نستطيع - في الأعم الأغلب - أن نخبره بذلك. غير أن الباحث الذي يؤكد إمكان المقارنة بين اللذات ليس مضطرا لبيان أنه يستطيع أن يقول أي اللذتين أعظم من الأخرى. فقد لا نكون مثلا قد استمتعنا بهما حديثا، ولا شك أن تذر شدة اللذة عمل غدار خصوصا إذا كان قد انقضت على ذلك فترة زمنية. ومن ناحية أخرى فقد تكون إحدى اللذتين - أو هما معا - معقدة غاية التعقيد. وقد يكون الاستبطان الضروري لتقدير حلاوتها صعبا. غير أن ذلك يتضح بصورة أكبر أنه إذا ما قارنا بين لذتين بسيطتين نسبيا، وبين لذتين متشابهتين نسبيا كنا قد خبرناهما حديثا، هنا قد لا تكون لدينا أية مشكلة في أن نبين أن إحداهما أعظم لذة من الأخرى. ويكفي ذلك دليلا على تفاوت اللذائذ في شدتها ... وإذا ما اتضح ذلك، فقد تعود إلى المجادلة في إمكان قياس اللذات، قد تكون بالضبط ضعفها في الشدة ... لأنه إذا ما كانت إحدى اللذات أعظم شدة من الأخرى، فإنه لا بد أن يكون لها قدر معين من زيادة الشدة ...»
43
وسوف أثير الاعتراضات الآتية ضد هذه الوجهة من النظر: (1) إن قياس درجة معينة من اللذة بمعامل ارتباط امتدادي
extensive correlate
يعني الاعتقاد بأننا نحصل على اللذة بإضافة عدد من اللذائذ الصغيرة، غير أن اللذة ليست إلا واقعة قائمة بذاتها لا يمكن قياسها، وليست مكونة من مجموعة من الأجزاء كل منها حالة من اللذة. (2) إذا سلمنا بأنه يمكن قياس حالة لذة ما بمعامل ارتباط امتدادي
ex correlate
فما هي معاملات الارتباطات
Correlates
هذه التي يمكن أن يقال إنها ممكنة؟ أعتقد أن هناك بديلين، وبديلين فحسب؛ فهذه الحالة يمكن أن تقاس إما بمقدار السبب الموضوعي - وبالتالي يمكن قياسه - الذي أظهرها إلى الوجود، وإما بقياس الحركات الدقيقة جدا للجسم
Unknown page