مع «جيمس» في هذه الفكرة، فهو يقول: «إننا نستطيع أن نريد تماما حتى ولو لم نستطع تحقيق إرادتنا بالفعل.»
9
لكن الرأي الذي آخذ به هو أنه ما لم يحدث تغيير الوجود المنتبه إليه كاملا فلن تكون هناك إرادة؛ فالوضع المطلوب للوجود لا يمكن أن يظل فكرة غامضة في الذهن أن أريد تحقيقه بفعل من أفعال الإرادة، بل يتجه التغير الذي تتضمنه الفكرة إلى أن يكون أكثر تخصيصا شيئا فشيئا، كلما تطورت الفكرة، حتى إذا ما وصلت إلى أكثر حالات التخصيص عينية وجدتها ترتبط ارتباطا مباشرا مع «الآن» الموجودة حاليا، يقول أرسطو: «لو كان عندي هدف معين أريد تحقيقه فإنني أبحث عن الوسائل التي تمكنني من بلوغ هذا الهدف، ولو ظهر أن هناك عدة وسائل، فإنني أبحث عن أسهلها وأفضلها. أما إذا ظهر أنه ليس ثمة سوى وسيلة واحدة فإنني أبحث عن كيفية بلوغ غايتي بهذه الوسيلة، وكيف يمكن لي أن أطمئن إلى هذه الوسيلة ذاتها ... وهكذا حتى أصل إلى أول حلقة في سلسلة الأسباب التي هي في نفس الوقت آخر حلقة وصلت إليها في اكتشافي لهذه السلسلة.»
10
ويقول: «روس
Ross » في شرحه لهذه الفقرة: إن ذلك يعني «أننا في هذه الحالة نرتد من الغاية إلى الوسيلة، ومن وسيلة إلى أخرى، حتى نصل في نهاية الأمر إلى وسيلة يمكن أن نتبناها هنا والآن.»
11 (11) (2) الخاصية الثانية للموقف الإرادي أن تكون لدي فكرة عن التغير ضد الوجود الفعلي، أعني أنه لا بد أن يكون هناك صراع بين فكرتي من ناحية، وبين ذلك الجانب من الواقع الموجود، إما هنا والآن، وإما أن يكون امتدادا لهما. وبديهي أن التغير المراد لا بد أن يكون شيئا ممكنا. فلو أنني تصورت تغيرا لا يكون من الممكن تحقيقه فإن مثل هذا التغير لا يسمى إرادة لكنه رغبة. ولقد ذكر أرسطو بعض التحديدات في هذا الصدد، يجمل بنا أن نقتبسها فهو يقول: «إننا لا نستطيع أن نختار المستحيل أو أن نريده عملا، ومن يفعل ذلك لا بد أن يكون أحمق، لكننا نرغب فقط فيما هو مستحيل؛ كالفرار من الموت مثلا ... وقد نرغب كذلك فيما لا تستطيع فاعليتنا أن تحققه «كنجاح ممثل أو فوز رياضي معين» لكنا لا نختار عن عمد أبدا أمثال هذه الأشياء، وإنما نختار فحسب تلك الأشياء التي نعتقد أن في استطاعتنا تحقيقها.»
12
وهو يقول كذلك: «أعتقد أننا لا بد أن نفهم من تغيير «العمد أو الروية» ما يستطيع الموجود العاقل - لا الأحمق أو المجنون - أن يعقد العزم عليه، ومن هنا فإنك لن تجد أحدا يعقد العزم على تغيير أشياء أبدية، أو أشياء لا يمكن أن تتغير: كنظام الأجرام السماوية. أو امتناع القياس بين شيئين لعدم وجود خاصية مشتركة بينهما، كما هي الحال في ضلع المثلث وقطر المربع.
ومن ناحية أخرى، فإنك لن تجد أحدا يعقد العزم حول أشياء تتغير، لكنها تتغير باستمرار بطريقة واحدة ... مثل الانقلاب الشمسي، وشروق الشمس، كلا، ولا يعقد العزم حول أمور غير منتظمة على الإطلاق؛ كالجفاف والمطر، ولا على أمور تخضع للصدفة كالعثور على كنز.»
Unknown page