Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Genres
وهو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، تولى الخلافة سنة 218ه الموافقة 838م، كان هذا الملك عاريا عن العلوم والمعارف، وحمل الناس على القول بخلق القرآن، وعقد في ذلك مجالس كثيرة وأمر بشد يدي أحمد بن حنبل حتى تخلفت أكتافه، وما زال متوجعا إلى أن مات رضي الله عنه، وكان عامله على مصر كيدر ثم ابنه المظفر، وقد استخدم في معيته نحو خمسين ألفا من الأتراك والتتار، فقويت شوكتهم، وصار الأمر بين يديهم، ولم يكن للخليفة في زمنهم إلا مجرد الخطبة والاسم، وقبض المعتصم على وزيره الفضل بن مروان، ولم يكن للمعتصم معه أمر، وولى مكانه محمد بن عبد الملك الزيات. (5-9) خلافة الواثق هارون
بويع بالخلافة يوم وفاة أبيه، وفي مدته فتح المسلمون أماكن من جزيرة صقلية، وكان أميرها محمد بن عبد الله بن الأغلب، وخرجت المجوس من أقاصي بلاد الأندلس في البحر إلى بلاد المسلمين، وجرى بالأندلس وقائع انهزم فيها المسلمون، ثم وافاهم عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس والمسلمون، فانهزم المجوس وغنم المسلمون منهم أربعة مراكب بما فيها، وعاد المجوس إلى بلادهم، وكان عامله على مصر كيدر بن عبد الله الصفدي ومنصور بن عيسى. (5-10) خلافة المتوكل على الله
بويع بالخلافة يوم مات أخيه الواثق، فولى ابنه المنتصر الحرمين واليمن والطائف، وفي أيامه ظهر بمدينة سامرا «من أعمال فارس» محمود بن فرخ وادعى النبوة وأنه ذو القرنين، وتبعه سبعة وعشرون رجلا، فألزم المتوكل أصحابه أن يصفعوه كل منهم عشر صفعات، ثم حبسه وضربه حتى مات، وأمر المتوكل بهدم قبر الحسين رضي الله عنه، وهدم ما حوله من المنازل لشدة بغضه لعلي كرم الله وجهه وأهل بيته، وكان نديمه عبادة المخنث، ومنع القول بخلق القرآن، ومات في أيامه الإمام أحمد بن حنبل وذو النون المصري، وقتل المتوكل برأي ابنه المنتصر، وقتل معه وزيره الفتح بن خاقان سنة 247. (5-11) خلافة المنتصر
امتنع الناس أولا من مبايعته؛ حيث إنه قتل والده، فأخرج أحمد بن الخطيب كتابا من المنتصر أن الفتح بن خاقان قتل المتوكل، فقتلته به ، فبايعوه. وفي مدته توفي أبو العباس أمير صقلية، فولى الناس ابنه عبد الله. ثم ورد من أفريقة خفاجة بن سفيان أميرا، فغزى وفتح، ثم اغتاله بعض أصحابه فولى الناس ابنه محمدا، ثم أقره محمد بن أحمد بن الأغلب صاحب القيروان، وبقي محمد بن خفاجة أميرا إلى سنة 257 من الهجرة، فقتلته طوشية وهربوا، فقتلوا. والمنتصر هو الذي أمن العلويين وأمرهم بزيارة قبر الحسين، ومات بسامرا سنة 248ه. (5-12) خلافة المستعين بالله
وهو أحمد بن محمد بن المعتصم، بويع بالخلافة عقب موت المنتصر، وفي أيامه ورد إليه خبر موت طاهر بن عبد الله أمير خراسان، فولى ابنه محمد بن طاهر عليها، وحمل أهل حمص على كيدر عامله فأخرجوه. وفي سنة 249 التقى المسلمون والروم بمرج الأسقف وقتل عمر بن عبد الله الأقطع مقدم عساكر الخليفة، فانهزم المسلمون وقتل منهم كثير، فأغار الروم على ثغور الجزيرة. وفي هذه السنة شغب الجند والعامة على الأتراك بسبب استيلائهم على الأمور، يقتلون من شاءوا من الخلفاء ويستخلفون من شاءوا، ثم اتفقت العامة بسامرا وأطلقوا من في السجون، فقتلت الأتراك من العامة جماعة حتى سكنت الفتنة، وقتل العبيد «أيامش» رئيس الترك ونهبوا داره، وفي أيامه ظهر أبو الحسن من نسل الحسين بالكوفة، وكثرت جموعه، فأرسل إليه جيشا مع محمد بن طاهر، فقتله وبعث رأسه إلى الخليفة، وخرجت عليه أهل حمص، وطردوا العامل الفضل بن فارن، فأرسل المستعين إليهم جيشا تحت قيادة موسى بن بغاء الكبير ففتحها وقتل خلقا كثيرا وأحرقها. وفي سنة 251 شغب الجند وحصروا المستعين في القصر بسامرا، فهرب هو وبغاء الصغير ووصيف باغر التركي إلى بغداد، واستقر بها المستعين فخافت الأتراك منه، فأخرجوا المعتز بن المتوكل من الحبس وبايعوه. (5-13) خلافة المعتز بالله
بويع بالخلافة عقب خلع المستعين، فأرسل جيشا يبلغ خمسين ألفا من الأتراك إلى حزبه، فتحصن المستعين ببغداد وألزمه بخلع نفسه ومبايعته له بعد قتال شديد، ثم نقل المستعين من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل بأهله وأخذ منه البردة والقضيب والخاتم، ومنعه من مكة فأقام بالبصرة ووكل به جماعة وانحدر إلى «واسط»، وكتب إلى أحمد بن طولون بقتل المستعين، فامتنع ابن طولون من ذلك فسلمه إلى الحاجب سعيد بن صالح فضربه سعيد حتى مات، وبعث برأسه إلى الخليفة المعتز بالله، وخلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر، وفي أيامه عقد «لعيسى بن الشيخ» على الرملة فجهز نائبه أبا المعتز إليها لما كانت فتنة الأتراك بالعراق، وتغلب «ابن الشيخ» على دمشق وأعمالها، وقطع ما كان يحمل من الشام إلى الخليفة، وملك يعقوب الصفار هراة وبوشنج وهابه أمير خراسان.
وفي سنة 254ه؛ أعني سنة 868م ولي أحمد بن طولون مصر، وفي سنة 255ه استولى يعقوب بن الليث الصفار على كرمان ثم استولى على فارس، ودخل شيراز ونادى بالأمان، وكتب إلى الخليفة بطاعته، وصار سلطانا بها سنة 255ه الموافقة سنة 868م، وأسس دولة بني الصفار وخلع المعتز سنة 255ه أي سنة 868م، وذلك أن الأتراك طلبوا حقوقهم فلم يكن عنده مال، فاتفق الأتراك فساروا إلى منزله وضربوه، ثم اتفقوا على خلعه، ثم حبس ومنع من الطعام والشراب مدة ثلاثة أيام، فمات ودفن بسامرا. (5-14) خلافة المهتدي
وهو محمد بن الواثق، بويع بالخلافة سنة 255ه/868م، وفي أيامه كان أول خروج صاحب الزنج علي بن محمد، فجمع الزنج الذين كانوا يحملون السباخ جهة البصرة وادعى أنه من نسل الحسين، وعبر نهر الدجلة ونزل الأنبار، وكان المذكور بمدينة سامرا، وخرج منها سنة 249ه/862م إلى البحرين فدعى نسبته بالعلويين، وأقام في الإحساء ثم في البصرة سنة 254ه/868م، ثم خرج في هذه السنة واستفحل أمره وبث أصحابه للإغارة والنهب. وفي سنة 256ه/870م خلع المهتدي؛ لأنه قصد قتل موسى بن بغاء، وكتب إلى «بابكيال» من مقدمي الترك أن يقتل موسى ويصير موضعه، فأطلع بابكيال موسى على ذلك واتفق على قتل المهتدي، فسار بابكيال إلى سامرا ودخل على المهتدي، فحبسه وقتله، وركب لقتال موسى فتخلوا عنه الأتراك، فضعف المهتدي وهرب، فقبض عليه وصفعوه حتى مات، ولما قتل «بابكيال» صارت الأمور بيد «ياركوج» التركي، وكان بينه وبين أحمد بن طولون مودة متأكدة، فاستعمله على ديار مصر جميعها؛ حيث كان بابكيال قد استعمله على مصر سوى الثغور، فلما تولى مصر قوي أمره وعلا شأنه ففي خلافة المعتمد تغلب أحمد بن طولون وصار ملكا. (6) الدولة الطولونية (6-1) أحمد بن طولون
تولى سنة 258ه أي سنة 872م، وهو أول من تسلطن بمصر من ولاة الدولة العباسية، وكان عاقلا حازما كثير المعروف والصدقة، يحب العلماء وأهل الدين، وهو الذي بنى قلعة «يافا» وبنى الجامع المشهور باسمه بالمقطم في محل يعرف مكانه باسم «تنور فرعون» سنة 263ه أي سنة 277م وبنى «القطائع» المعروف أطلالها الآن باسم «كيمان طولون»، ونقل إليها كرسي المملكة؛ حيث كان بالفسطاط، وبنى أيضا قلعة الكبش، وفي أيامه عصت عليه أهل برقة، فجهز جيشا مع لؤلؤ غلامه، وأمره بالرفق واستعمال اللين، فإن انقادوا كان بها وإلا بالسيف، فسار إليها وحاصرها، فما أمكنه فتحها مع استعمال ما أمره به، فأرسل ابن طولون بالجد في حربهم، فنصب عليهم المنجنيق وجدوا في قتالهم فطلبوا الأمان، وقبض على جماعة من رؤسائهم وضربهم بالسياط وقطع أيدي بعضهم، وأخذ معه جماعة وعاد إلى مصر، ولما وصل لؤلؤ إلى مصر خلع عليه ابن طولون، وطيف بالأسرى في البلد.
وفي سنة 265ه أي سنة 879م أراد الموفق أخو المعتمد كسر شوكة ابن طولون فأرسل جيشا مع موسى بن بغاء السالف الذكر، فخرج ابن طولون عليه واستخلف ابنه العباس بمصر، ولم يستطع ابن بغاء لمكافحته، فدخل الشام وسلم إليه العامل «علي بن أماجور» فخلع عليه ابن طولون، وملك دمشق وحمص وحماه وكذلك حلب، فملك ذلك كله ثم سار إلى أنطاكية ودعا العامل التركي «سيما الطويل» أمير أنطاكية إلى طاعته، فأبي فقاتله وملك أنطاكية عنوة وقتل سيما المذكور، ثم ملك عدنة وطرسوس من سيليسيا، وأراد الإقامة بطرسوس فغلا سعرها فعاد منها إلى الشام، فأتاه خبر ولده العباس الذي قد استخلفه على مصر أنه عصى عليه وأخذ الأموال وسار إلى برقة مشاققا لأبيه، فلم ينزعج من ذلك وثبت حتى قضى أشغاله وضبط بلاده ثم عاد إلى مصر وأرسل إلى ابنه ولاطفه فلم يرجع، فحاربه حربا شديدا، فأخذ العباس أسيرا وحمل إلى أبيه فحبسه في داره إلى أن قدم باقي الأسرى من أصحابه، فأمره أبوه أن يقطع أيدي أعيانهم وأرجلهم ففعل، فلما فرغ منه وبخه وضربه ثم رده إلى الحبس فخنق به. وفي عصره حصلت حادثة فلكية وهي تساقط النجوم من السماء، فخافها الناس وانزعجوا منها، وحصلت في أيامنا هذه مثلها سنة 1303ه أي سنة 1885م، وفسرها علماء الفلك الحاليون بأنها ليست نجوما، وإنما هي حجيرات صغيرة صعدت إلى الجو وصارت بجانب بعضها فمزقتها الكهربائية الجوية وتصاعد من ذلك شرار. ومات ابن طولون سنة 270ه أي سنة 884م، ومدة خلافته 26 سنة نائبا وخليفة. (6-2) خمارويه بن أحمد
Unknown page