Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Genres
أما ديانة المصريين فكانت مؤسسة على عبادة الشمس، وكان لها عندهم أسماء وأشكال مخصوصة حسب سيرها في السماء مدة النهار، وكان لكل مدينة وإقليم إله مخصوص، فكان إله مدينة طيبة «آمون» وغيره، وكان إله مدينة منفيس «بتاح» وغيره. وكانت هذه الأسماء تتغير في بعض الأقاليم، أما عبادة أوزوريس وأبيس وهوروس، فكانت منتشرة أكثر من غيرها، وكثيرا ما كانت هذه الآلهة تتشكل عندهم بأشكال حيوانات كالطيور والتماسيح وغيرها، وكانت هذه الحيوانات عبارة عن رموز على قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وكانوا يعرفون أن العبادة التي تقدم لهذه الآلهة إنما تقدم لله جل شأنه؛ حيث قدمت لصفاته.
وكانت هذه الحيوانات تعبد في أفخر هياكل البلاد، وتخدم كخدمة الملوك وتحنط عند موتها، وتدفن في مدافن عظيمة. وكان أقدس حيوان عندهم هو الثور «أبيس»، ومحل عبادته مدينة منف وهو رمز على الإله بتاح، وكان يعرف بعلامات مخصوصة عندهم، وكان موته يعتبر مصيبة كبرى على عموم الأمة، ويوم تنصيب غيره يكون يوم عيد عام، وبعد موته كان يحنط ويدفن في سيرابيوم «مدفن بسقارة». ومن أهم أركان ديانتهم الاعتقاد بخلود الروح؛ بمعنى أن النفس الصالحة تدوم مع أوزوريس ثلاث آلاف سنة، ثم تعود إلى الأرض وتدخل الجسم الذي خرجت منه، فيسعى ويعيش كما كان أولا، ويتكرر عليه الموت والبعث عدة مرات حتى يبلغ الدرجة العظمى وكمال السعادة.
واعتقادهم بخلود الروح هو السبب في حرصهم على أجساد موتاهم وتحنيطهم ودفنهم في المدافن العظيمة والقبور العجيبة والأهرام البازخة أعظم مباني العالم، وكان أمر خلود الروح وتوقف السعادة الأبدية على حسن السيرة.
ولغاية هنا قد انتهى ملخص ما ألقاه من دروس الفراعنة حضرة العالم الأديب واللوذعي الأريب، أستاذنا أحمد أفندي نجيب مفتش مصلحة الآثار المصرية ومعلم هذا العلم بمدرسة التجهيزية سابقا.
الفصل الثاني
في التاريخ القديم لأمم الشرق
«الشرق»: يعنى بهذا الاسم في علم الجغرافية أحد الجهات الأصلية؛ أي محل شروق الشمس، ولكن في التاريخ تطلق هذه الكلمة على الممالك الواقعة شرقي أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، وهي مصر وفلسطين والشام وبلاد العرب وأرض الجزيرة «جزيرة ابن عمرو» وبلاد العجم والهند والصين، وهاتان الأخيرتان يعدونهما ضمن البلاد المشرقية في بعض الأحيان.
وقد ذكرنا فيما سلف أن مصر مضى عليها جملة أعصر وأحقاب، وهي حافظة لشوكتها وعظمتها، ثم خضعت لدولة الفرس التي امتدت من نهر الهندوس لغاية صحراء برقة أو ليبيا، ولكن قبل الشروع في ذكر أخبار هذه الدولة العظيمة التي هدمها الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا نذكر طرفا من أخبار الأمم والممالك العظيمة التي تقدمت عليها، واندرجت ضمن هذه الدولة في أيام قيروش وخلفائه، وكانت آسيا الغربية مشتملة على عدة ولايات يحدها شمالا جبل قوقاز «الجركس» والبحر الأسود، ومن الغرب بحر الروم المسمى بحر سفيد (البحر الأبيض المتوسط)، وجنوبا صحراء العرب، وشرقا السهول العالية لبلاد فارس. وهذه الولايات عبارة عن الدولة العثمانية الواقعة الآن في آسيا. (1) في تاريخ الآشوريين والبابليين
كانت بلاد آشور عبارة عن الأراضي الواقعة بين أرمانستان والجزيرة وبلادميد وبابل. وسميت هكذا نسبة إلى آشور أو آسور بن سام بن نوح عليه السلام. وكانت بلاد الكلدانيين في جنوب آشور بين بلاد الفرس وجزيرة العرب والخليج الفارسي. وسميت هكذا نسبة إلى كاليدوس بن سام بن نوح عليه السلام.
وأما بلاد بابل بين نهري الدجلة والفرات، وهي المسماة ميزوبوتاميا «أرض الجزيرة»، وهي بين آسيا الصغرى وسوريا «أي الشام»، وسميت هكذا باسم بابيلون أي مدينة البرج، وقيل باب أيل أي مدينة الرب، وقد أسسها في سالف الأزمان نمرود الجبار، وبعد الطوفان نزل أولاد نوح عليه السلام من جبل عرارات «ببلاد القوقاز» إلى الأرض وسكنوا بهذه الأراضي وسموها أرض سنهار، وتناسلوا واجتمعوا على بناء برج عال يحفظهم من إغارة الطوفان، فبنوا برجا على شاطئ نهر الفرات وعلوا بناءهم، فأخذتهم صيحة فبلبلت ألسنتهم، ودكت برجهم، فتفرقوا شعوبا في الأرض، فأتى آشور ومن معه وسكنوا شرقي نهر الدجلة، وتناسل منهم قوم الآشوريين، وأتي كاليدوس ومن معه وسكنوا بجوار نهر شط العرب (نهر الفرات)، وتناسل منهم قوم الكلدانيين، وأتى أرامة ومن معه وسكنوا بين نهري دجلة والفرات، وتناسل منهم الأراميون، وأتى ميد ومن معه وسكنوا شرقي أرمانستان بجانب بحر الخزر، وتناسل منه الميديون، وأتى عيلام ومن معه وسكنوا في الوسط بجانب ميد، وتناسل منه العلاميون والفرس. وكلهم من أولاد سام بن نوح عليه السلام، ونزل كنعان بن حام في أرض بابل، ونزل مصرايم أرض مصر. (1-1) مبدأ سلطنة آشور وبابل
Unknown page