Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Genres
وقد حمل المؤرخون عبارة التوراة على فرعون منفطا الأول، مع أن النصوص البربائية عارضت هذا القول، وثبتت أنه مات حتف أنفه، فإن صح ذلك كان وقوع هذا الحادث المريع مدة الاضطرابات السابقة أو اللاحقة لحكم سيتوس الثاني ابنه. (ج) العائلة المتممة للعشرين القرن 13-12ق.م
ذكر مآثر الملك رمسيس الثالث:
وهو آخر مشاهير ملوك مصر، ولما تولى الملك اهتم في تحفظ مصر وملحقاتها، وسعى في تقدم داخليتها، وفي أول حكمه قام عليه الناس من كل جهة؛ فالبدو هددوا شرقي الدلتا، وخرجت عن طاعته ولايات الشام، وأغار الليبيون على غرب المملكة، فلما رأى تعصب هؤلاء الأقوام قام لقتالهم، فهزم أولا البدو، ثم الليبيين ومن معهم، فلما علم أهل آسيا الصغرى والجزائر اليونانية بهذه الحرب أرادوا الخروج عن طاعته، فشنوا الغارة واندفعوا بجيوشهم على مصر من جهة الدلتا، وتقابلت جيوشهم وسفنهم الحربية بجيوش وسفن المصريين، وحصلت واقعة هائلة انتهت بنصرة المصريين على هؤلاء الأقوام، وبعد ذلك هاج الليبيون مرة ثانية، ولكن المصريين قاتلوهم وانتصروا عليهم، واغتنموا غنائم كثيرة ما بين عدد حرب ومواش، وأسروا منهم عددا وافرا، وبعد ذلك حصل الأمن والراحة، وأرسل رمسيس المذكور في البحر الأحمر سفنا إلى بلاد العرب لجلب الخيرات منها، ثم أرسل تجريدة حربية إلى شبه جزيرة جبل الطور وأدخل أهلها تحت حكمه، وفي أواخر حكمه أشرك معه ابنه رمسيس الرابع، ثم بعد وفاته لم تشتغل الملوك خلفاؤه بالحروب، بل توجهت أفكار الأهالي إلى اتخاذ الصناعة والتجارة، وكرهوا الحروب التي أهلكت أموالهم وأولادهم، فدخل العناد والاضطراب في جميع فروع الحكومة واستفحل أمر كبار كهنة المعبود «آمون» واستولوا بالتدريج على أعظم مناصب البر والرياسة العسكرية، فلما مات رمسيس الحادي عشر قام رئيس الكهنة المدعو «حرحور» واغتصب التاج الملوكي، وجعل نفسه ملكا سنة 1150ق.م على كل مصر والشام، وأمر بنفي الملك وعائلته من مدينة طيبة إلى مدينة «تنيس» صان الحجر «بالشرقية»، وجلس الكاهن المذكور على تخت مصر، وبعد موته أخلفه قسيسان آخران، وفي مدتهما وقع هرج عظيم ببلاد مصر، وخرجت الأهالي هاربة من دفع الجزية، وكان تختهما مدينة «تنيس»، ووقع بين الطرفين شقاق ومنازعات شديدة، وقامت الحروب على قدم وساق، وآل الأمر بنزع الملك من يد الكهنة بظهور الملك «سمنديس» رأس العائلة الحادية والعشرين. (د) ذكر العائلة الحادية والعشرين القرن 11ق.م
رأس هذه الدولة هو سمنديس، وكان مقر حكومتها مدينة صان الحجر «شرقي الدلتا»، وقد أفنى عمره في حرب ذرية الكاهن حرحور ملك الصعيد بطيبة، وبعد موته استمرت الحروب سجالا بين ملوك مدينة صا الحجر وملوك طيبة، فكانت جيوش الوجه البحري مؤلفة من جنود الليبيين والأقوام الذين كانوا قاطنين على مصبات النيل، وكادت أن تكون رؤساء هذه الجنود المجمكة مستقلة وبيدهم الحل والربط، وكان شيشاق أو شيشنق أحد رؤساء هذه الجنود، وكان أجنبي الأصل، وهو الذي هدم أركان الدولة الحادية والعشرين، وأسس الدولة الثانية والعشرين وحكم جميع أرض مصر، وفي مدته عاد لمصر رونقها القديم، وأما ذرية حرحور الكاهن فإنها انهزمت أمامه وهربت إلى بلاد الأتيوبيا، وأسسوا دولة مستقلة وجعلوا تختها مدينة «نباتا» بالقرب من جبل البركل في جنوب «دنقلة القديمة»، وكان شيشاق المذكور معاصرا لسيدنا سليمان عليه السلام ملك بني إسرائيل، وبعد موته بخمسة أعوام هجم شيشاق على سبطي يهوذا وبنيامين، ودخل بيت المقدس الشريف سنة 970ق.م، واستولى على جميع خزائن سليمان، ويوجد منقوشا على جدران معبد الكرنك أسماء المدن التي خضعت لجبروته، ومن أعماله أيضا إيوان البسائط الباقية آثاره إلى الآن بتل بسطة، وفي أيام خلفائه عادت الفتن كما كانت عليه وكثرت العربدة بين الأكابر والأصاغر، بحيث إن شيشاق الرابع الذي هو آخر هذه الدولة لم يكن ملكا إلا على مدينة تل بسطة وما جاورها، وما زال الأمر يشتد ونيران الفتن تشتعل إلى أن ظهرت العائلة الثالثة والعشرون من سنة 810 إلى سنة 721 التي كان مقرها مدينة «تنيس»؛ حيث انقسم الملك بين عشرين أميرا مستقلا لقب أربعة منهم بالألقاب الفرعونية، فارتفع شأن أحدهم وهو تفنخت المؤسس للدولة الرابعة والعشرين الآتي ذكرها. (ه) ذكر العائلة الرابعة والعشرين الصاوية القرن 8ق.م
نسبة إلى مدينة صا الحجر، ورأس هذه العائلة هو «تفنخت» أحد الأمراء العشرين كما تقدم.
وفي مبدأ أمره شرع في نزع هؤلاء الأمراء، فاستعان بالأتيوبيين الذين كان لهم في ذلك الوقت سطوة عظيمة، وكان تختهم مدينة مرو بالأتيوبيا، ولما جعلته الأتيوبيون ملكا على مصر أخذ في محاربة بعض الملوك المجاورة له إلى أن انتصر عليهم، ثم حارب الأمراء المذكورين فهزمهم وأخذ ما كان بأيديهم ثم توجه إلى الصعيد، فأذعنت له الأمراء بالطاعة إلى أن وصل إلى قسم أرمنت، واستولى عليه، ثم وضع الضرائب على قسم أهناس المدينة التي كانت تحت حكم الأتيوبيين، فلما بلغ ذلك ملك الأتيوبيا «بعنخي» قاتله حتى انتصر عليه، وجعل مصر ملحقة ببلاده، وأبقى لرؤسائها الامتياز، وأبقى «تفنخت» ملكا عليهم، واستقر في صا الحجر، وبعد موته أخلفه ابنه باخوريس.
ذكر مآثر الملك باخوريس:
كان هذا الملك ضعيف البنية، صائب الرأي، ثاقب الفكر، مشرعا عاقلا، وقاضيا عادلا. ولما تولى الملك شرع في نزع مصر الوسطى والوجه البحري من الأمراء ونجح في ذلك، وجعل مصر مستقلة تحت حكمه، ثم أهان العجل «أبيس» معبود المصريين، وجعل الإهانة له أعظم ذلة، فاستعانوا عليه بملك الأتيوبيا المدعو سباقون، فبادر بجنوده لقتال ملك مصر وانضم مع الأمراء الذين كانوا يبغضونه، فوقع باخوريس في قبضة الأسر، فألقاه سباقون في النار حيا، وآل الأمر حينئذ للأتيوبيين وذلك سنة 1100ق.م. (و) ذكر العائلة الخامسة والعشرين الأتيوبية القرن 7ق.م
حكمت هذه العائلة من سنة 715 إلى سنة 665ق.م، وعدد ملوكها أربعة، ومدة حكمها 53 سنة.
السبب في استيلاء ملوك السودان على مصر هو تغير الأحوال الناشئ من اختلاف الكلمة بين ملوك العائلة الرابعة والعشرين لعدوانهم وبغضهم لبعض، حتى ورد عنهم في التوراة ما معناه: «إن ملوك تنيس صاروا لا عقول لهم، وملوك منف ضلوا وأضلوا قومهم، فقضينا أن نعطي ملك مصر إلى ملك جبار.»
Unknown page