339

Al-Itqān fī ʿulūm al-Qurʾān

الإتقان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

وَالتَّمْرِينِ وَالتَّرْتِيلَ يَكُونُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ وَالِاسْتِنْبَاطِ فَكُلُّ تَحْقِيقٍ تَرْتِيلٌ وَلَيْسَ كُلُّ تَرْتِيلٍ تَحْقِيقًا.
فَصْلٌ
مِنَ الْمُهِمَّاتِ تَجْوِيدُ الْقُرْآنِ وَقَدْ أَفْرَدَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ بِالتَّصْنِيفِ وَمِنْهُمُ الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْرَجَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "جَوِّدُوا الْقُرْآنَ ".
قَالَ الْقُرَّاءُ: التَّجْوِيدُ حِلْيَةُ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ إِعْطَاءُ الْحُرُوفِ حُقُوقَهَا وَتَرْتِيبَهَا وَرَدُّ الْحَرْفِ إِلَى مَخْرَجِهِ وَأَصْلِهِ وَتَلْطِيفُ النُّطْقِ بِهِ عَلَى كَمَالِ هَيْئَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا تَعَسُّفٍ وَلَا إِفْرَاطٍ وَلَا تَكَلُّفٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ﷺ بِقَوْلِهِ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ " - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - وَكَانَ ﵁ قَدْ أُعْطِيَ حَظًّا عَظِيمًا فِي تَجْوِيدِ الْقُرْآنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُمَّةَ كَمَا هُمْ مُتَعَبِّدُونَ بِفَهْمِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ هُمْ مُتَعَبِّدُونَ بِتَصْحِيحِ أَلْفَاظِهِ وَإِقَامَةِ حُرُوفِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَلَقَّاةِ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْحَضْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَقَدْ عَدَّ الْعُلَمَاءُ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِ تَجْوِيدٍ لَحْنًا فَقَسَّمُوا اللَّحْنَ إِلَى جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ فَاللَّحْنُ خَلَلٌ يَطْرَأُ عَلَى الْأَلْفَاظِ فَيُخِلُّ إِلَّا أَنَّ الْجَلِيَّ يُخِلُّ إِخْلَالًا ظَاهِرًا يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهِ عُلَمَاءُ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَالْخَفِيَّ يُخِلُّ إِخْلَالًا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ عُلَمَاءُ الْقِرَاءَةِ وَأَئِمَّةُ الْأَدَاءِ الَّذِينَ تَلَقَّوْهُ مِنْ أَفْوَاهِ الْعُلَمَاءِ وَضَبَطُوهُ مِنْ أَلْفَاظِ أَهْلِ الْأَدَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ: وَلَا أَعْلَمُ لِبُلُوغِ النِّهَايَةِ فِي التَّجْوِيدِ مِثْلَ رِيَاضَةِ الْأَلْسُنِ

1 / 346