161

Itqan

الإتقان في علوم القرآن

Investigator

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أُبَيٍّ: "قُلْتُ: سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا مَا لَمْ تُخْلَطْ آيَةُ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آية رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ". وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ عَلِيمًا حَكِيمًا غَفُورًا رَحِيمًا " وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ: "أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ صَوَابٌ مَا لَمْ تَجْعَلْ مَغْفِرَةً عَذَابًا أَوْ عَذَابًا مَغْفِرَةً " أَسَانِيدُهَا جِيَادٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا ضَرْبَ الْمَثَلِ لِلْحُرُوفِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَعَانٍ مُتَّفِقٌ مَفْهُومُهَا مُخْتَلِفٌ مَسْمُوعُهَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَعْنًى وَضِدُّهُ وَلَا وَجْهٌ يُخَالِفُ مَعْنَى وَجْهٍ خِلَافًا يَنْفِيهِ وَيُضَادُّهُ كَالرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْعَذَابِ وَضِدُّهُ. ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ " مَرُّوا فِيهِ " " سَعَوْا فِيهِ " وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا﴾ أَمْهِلُونَا أَخِّرُونَا. قَالَ الطَّحَّاوِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِمَا كَانَ يَتَعَسَّرُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُمُ التِّلَاوَةُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْكِتَابَةِ وَالضَّبْطِ وَإِتْقَانِ الْحِفْظِ ثُمَّ نُسِخَ بِزَوَالِ الْعُذْرِ وَتَيَسُّرِ الْكِتَابَةِ وَالْحِفْظِ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاقِلَّانِيُّ وَآخَرُونَ. وَفِي فَضَائِلِ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أقرأ رجلا: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ﴾ فَقَالَ الرَّجُلُ: "طَعَامُ الْيَتِيمِ " فَرَدَّهَا فَلَمْ يَسْتَقِمْ بِهَا لِسَانُهُ فَقَالَ: أتسطيع أَنْ تَقُولَ: طَعَامُ الْفَاجِرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَافْعَلْ.

1 / 168