128

Itharat Targhib

إثارة الترغيب والتشويق إلى المساجد الثلاثة والبيت العتيق‏ - الجزء1

Genres

والضلالة.

ثم اعلم أن المسارعة فيه والإتيان به على الفور مستحب بالإجماع. وأما الوجوب فقد اختلفوا فيه؛ روى أبو يوسف عن أبى حنيفة- رضى الله عنهما- أنه واجب على الفور، وهو الأصح عنه، وبه أخذ مالك وأحمد رحمهما الله (1).

وقال محمد والشافعى- رضى الله عنهما- هو واجب على سبيل التراخى؛ ودليل كل فريق مذكور فى كتبهم المبسوطة.

والمراد من الفور: أنه يلزم المأمور فعل المأمور به فى أول أوقات الإمكان، مستعارا للسرعة، من فارت القدر إذا غلت.

ثم على قول من يوجب الحج على التراخى فلم يحج حتى مات فهل يأثم بذلك؟ ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لا يأثم بذلك؛ لأنا جوزنا التأخير له ولم يرتكب محظورا بعد ذلك.

والثانى: يأثم بذلك؛ لأن التأخير إنما جوزناه له بشرط السلامة والأداء، وهو الأصح.

والثالث: أنه إن خاف الفقر والكبر والضعف فلم يحج حتى مات يأثم، وإن أدركته المنية فجأة قبل خوف الفوات لم يأثم؛ لأن الحكم لغالب الظن (2).

ثم على الوجه الذى يأثم: من أى وقت يأثم؟

قال بعضهم: بتأخير عن السنة الأولى، وقال بعضهم: بتأخير عن السنة الأخيرة، وقال بعضهم: يأثم من حين تبين ورأى فى نفسه الضعف والعجز والكبر، وقال بعضهم: يأثم فى الجملة لا فى وقت معين بل علمه إلى الله تعالى (3)، وهو أعلم.

***

Page 155