Ithar Haqq
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٨٧م
Publisher Location
بيروت
الموجودات ومدبرها القيوم بهَا وَأَنا بعد الْعلم بذلك وَمَعَهُ نحتاج إِلَى النّظر الدَّقِيق فِي دَلِيل يدل على أَن خالقنا الْكَامِل الْأَسْمَاء والنعوت غير مَعْدُوم وَلَا يكفينا الْعلم بِأَنَّهُ خالقنا ومدبرنا دَلِيلا على وجوده قطّ وغفلوا عَن كَون وجود الْخَالِق القيوم بخلقه أقوى فِي التَّعْرِيف بِوُجُودِهِ من الدَّلِيل الَّذِي يتكلفونه على ذَلِك فِي فطر الْعُقَلَاء وَأَنه إِن أمكن الشَّك فِي هَذِه الْفطْرَة أمكن الشَّك فِي دليلهم عَلَيْهَا إِذْ لَا يُمكن أَن يكون أقوى مِنْهَا بل هُوَ أخْفى بِغَيْر شكّ كَمَا يعلم ذَلِك من وقف على أدلتهم فِي ذَلِك وَقد كنت أوردتها هُنَا وَبَيَان مَا فِيهَا من الشكوك ثمَّ صنت ديباجة هَذَا الْمُخْتَصر من ذَلِك وَنَحْوه من علم الجدل وَرَأَيْت أَن أورد ذَلِك فِي فصل مُفْرد فِي آخر هَذَا الْمُخْتَصر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِلَّا فَهِيَ فِي العواصم مَجْمُوعَة وَفِي كتب الْكَلَام مفرقة وَإِنَّمَا فعلت ذَلِك مَعًا ليسلم أَولا من كدورته أهل الاثر ثمَّ ينْتَفع ثَانِيًا بِالنّظرِ فِي الشكوك الْوَارِدَة عَلَيْهِ أهل الْكَلَام وَالنَّظَر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِنَّمَا اضْطر أَبُو هَاشم وَأَتْبَاعه إِلَى ذَلِك لأَنهم جوزوا للمعدوم تحققا فِي الْخَارِج لَا فِي الذِّهْن على مَا حَقَّقَهُ الشَّيْخ مُخْتَار المعتزلي فِي كِتَابه الْمُجْتَبى فِي الْفَصْل الرَّابِع فِي صِفَات الله تَعَالَى
وَاعْلَم أَن كَثْرَة التعنت فِي النّظر تُؤدِّي إِلَى طلب تَحْصِيل الْحَاصِل والتشكيك فِيهِ وَقد جربنَا ذَلِك وتأثيره فِي الموسوسين فِي الطَّهَارَة وَفِي النِّيَّة وأمثالهما من الْأُمُور الضرورية فَإِذا صَحَّ مرض الْعُقُول فِي الضروريات بِسَبَب التعنت والغلو فِي تَحْصِيل الْحَاصِل فَكيف إِذا وَقع هَذَا السَّبَب فِي محارات الْعُقُول ودقائق الْكَلَام وتوهم المبتلي بالوسوسة أَنه لَا طَرِيق لَهُ إِلَى معرفَة الله تَعَالَى إِلَّا تِلْكَ الدقائق الْخفية وَالْقَوَاعِد الْمُخْتَلف فِيهَا بَين أذكياء الْبَريَّة وَمن أَمارَة عدم الْيَقِين فِيهَا اسْتِمْرَار الْخلاف بعد طول الْبَحْث من الأذكياء من أهل الْإِنْصَاف وَمن عُلَمَاء أهل الْإِسْلَام وَلَا تحسبن أَن الْعلَّة فِي ذَلِك وَقتهَا بل الْعلَّة عدم الطَّرِيق إِلَى مَعْرفَتهَا يُوضح هَذَانِ علم الْحساب والفلك وتسيير الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَعْرِفَة أَوْقَات الكسوفيين من أدق الْعُلُوم وَمَعَ دقته فَإِن غالبه صَحِيح مُتَّفق عَلَيْهِ بَين العارفين لَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ خفِيا ظنيا فَهُوَ مَعْرُوف بذلك بَين أَهله وَعكس ذَلِك علم أَحْكَام النُّجُوم
1 / 17