Ithar Haqq
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٨٧م
Publisher Location
بيروت
الدَّالَّة على ارْتِفَاع الْعِصْمَة أَلا ترى أَن أهل الرياضة تكون فيهم المبتدعة بل مِنْهُم الدهرية والبراهمة وَقد ذكر صَاحب العوارف طرفا من ذَلِك فِي الْبَاب السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ وصنف شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية مصنفا فِي ذَلِك سَمَّاهُ الْفرق بَين الْأَحْوَال الربانية وَالْأَحْوَال الشيطانية الْوَجْه الثَّانِي مَا ذكره الشَّيْخ مُخْتَار فِي الْمُجْتَبى وَهُوَ أَن صَاحب المعجزات يُفَارق صَاحب الْحِيَل وَالسحر فِي الزي والرواء والهيبة وَالْكَلَام وَالْأَفْعَال وَفِي كَافَّة الْأَحْوَال أنوار التَّقْوَى تلألأ فِي وَجه صَاحب المعجزات وآثار الصّلاح تلوح فِي وُجُوه أهل الْخيرَات تعرفهم بِسِيمَاهُمْ كَمَا قَالَ رَبهم ومولاهم شيمتهم التحلم والاصطبار وَدينهمْ الصفح وَالْعَفو وَالِاسْتِغْفَار والجود فالسخاء والايثار والمصافاة مَعَ الْمَسَاكِين والفقراء والحنو والحدب على الضُّعَفَاء والأعراض عَن زخارف الدُّنْيَا وَعَن اتِّبَاع الشَّهَوَات والهوى
وَأما أَصْحَاب السحر والحيل فرذائل التزوير لائحة فِي وُجُوههم ومخايل الختل والغدر وَاضِحَة فِي جباههم قصارى هَمهمْ استمالة الأغبياء وإيثار مَوَاطِن الْمُلُوك والأمراء والأغنياء وَغَايَة أمنيتهم نيل الجاه والعز فِي الدُّنْيَا وَالظفر بِمَا يُوَافق النَّفس والهوى اه وَقد سبقه الرَّازِيّ إِلَى هَذَا الْمَعْنى بأجود من كَلَامه لكنه أطول فآثرت اخْتِصَار مَا ذكره الرَّازِيّ فِي كتاب الْأَرْبَعين ونقلته وزدت عَلَيْهِ كثيرا فِي كتاب الْبُرْهَان الْقَاطِع فِي معرفَة الصَّانِع وَصِحَّة الشَّرَائِع
وَإِلَى هَذَا الْوَجْه الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى ﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم لَهُ منكرون﴾ وَقَوله ﴿أَسحر هَذَا وَلَا يفلح الساحرون﴾ كَمَا تقدم فِي كَلَام مُوسَى ﵇ وَقَوله تَعَالَى ﴿اتبعُوا من لَا يسألكم أجرا وهم مهتدون﴾ وأمثالها وَفِي آيَة يسن اشارة إِلَى أَن الْكَذِب على الله وعَلى الْخلق فِي غَايَة الْقبْح ونفرة الْعُقَلَاء عَنهُ متمكنة فَلَا يُمكن صدوره من أهل الْعُقُول الراجحة والزهد المجرب لِامْتِنَاع وُقُوع الْمَرْجُوح عقلا وسمعا وَهَذِه وأضعاف أضعافها صِفَات الْأَنْبِيَاء ﵈ كَمَا أوضحته فِي الْبُرْهَان الْقَاطِع ثمَّ ان الله تَعَالَى جعل فِي بعض أَحْوَال
1 / 68