Ithar Haqq
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٨٧م
Publisher Location
بيروت
واما الممادح السلبية فِي كتاب الله تَعَالَى فاعتقادها لَازم وان لم تكن أَسمَاء فِي عرف أهل الْعَرَبيَّة لَكِنَّهَا نعوت حق وَاجِبَة بِنَصّ الْقُرْآن لله تَعَالَى وَذَلِكَ مثل قَوْله تَعَالَى ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾ ﴿وَلم يكن لَهُ كفوا أحد﴾ وَلَيْسَ لَهُ سمي فانه مَعْلُوم من قَوْله تَعَالَى ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ وان الْعباد لَا يحيطون بِهِ علما كَمَا قَالَ فِي سُورَة طه بل لَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ وَإِنَّمَا اسْتثْنى فِي معلوماته المخلوقة وَإِمَّا فِي ذَاته المقدسة العزيزة فاطلق النَّفْي وَلم يسْتَثْن أحدا وَلَا شَيْئا وَلَو كَانَ يُرِيد أَن يخْتَص أحدا بذلك لاستثناه كَمَا اسْتثْنى من الاحاطة بِعِلْمِهِ ﷿
وَمن ذَلِك أَنه لَا تُدْرِكهُ الابصار وَهُوَ يُدْرِكهُ الابصار وَأَنه لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم وَأَنه وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَا يؤده حفظهما وانه خلقهما فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسّه من لغوب وَإنَّهُ لَيْسَ بظلام للعبيد وَإنَّهُ لَا يُكَلف نفسا إِلَّا وسعهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا يُرِيد بِنَا الْعسر وَمَا جعل علينا فِي الدّين من حرج وَأَنه لَا يجوز عَلَيْهِ اللّعب والعبث وخلو أَفعاله عَن الْحِكْمَة لقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا بَينهمَا لاعبين﴾ وَقَوله ﴿رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فقنا عَذَاب النَّار﴾ وأمثال هَذِه الْآيَات فِي حكمته فِي خلق الارضين وَالسَّمَوَات وَأَنه تَعَالَى لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر وَلَا يحب الْفساد وَلَا يُبدل القَوْل لَدَيْهِ تبديلا قبيحا بِخِلَاف التبديل الْحسن لقَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة وَالله أعلم بِمَا ينزل﴾ ولآيات النّسخ وانه لَا يخلف الميعاد وَأَنه تَعَالَى يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ وَيطْعم وَلَا يطعم وَأَنه لَا شريك لَهُ فِي الْملك وَلَا ولي لَهُ من الذل وان هَذِه الْآيَات دلّت على مَا أَجمعت عَلَيْهِ الامة اجماعا ضَرُورِيًّا وَعلم من الدّين علما ضَرُورِيًّا انه تَعَالَى منزه عَن كل نقص وعيب مِمَّا يَقع فِي أَسمَاء المخلوقين سَوَاء كَانَ من أَسمَاء الذَّم لَهُم كالظلم واللعب وَالْجهل أَو من أَسمَاء النَّقْص فيهم كالفقر والضعف وَالْعجز وَسَائِر مَا يجوز على الانبياء الاولياء وَأهل الصّلاح
1 / 164