Ithaf Dhawi Albab
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Publisher
منشورات منتديات كل السلفيين.
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
يَرْجُوهَا، وَلَا يَخَافُهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الوُجُودِ سَبَبٌ يَسْتَقِلُّ بِحُكْمٍ؛ بَلْ كُلُّ سَبَبٍ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى أُمُورٍ أُخَرَ تُضَمُّ إِلَيْهِ - كَالإِخْلَاصِ وَالقَبُولِ مَثَلًا -، وَلَهُ مَوَانِعُ وَعَوَائِقُ تَمْنَعُ مُوجِبَهُ، وَمَا ثَمَّ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ إِلَّا مَشِيئَةَ اللهِ وَحْدَهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَقَدْ عَلِمَ وَحَكَمَ أَنَّ الشَّيْءَ الفُلَانِيَّ يَقَعُ بِالسَّبَبِ الفُلَانِيِّ.
خَاتِمَةٌ: اعْلَمْ يَا أَخِي - وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكَ - أَنَّ القَدَرَ عِبَارَةٌ عَنْ سَبْقِ عِلْمِ اللهِ - تَعَالَى - بِالمَقْدُورِ، وَمَا عَلِمَهُ اللهُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى تَخَلُّفِهِ قَطْعًا - كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَتَقْرِيرُهُ -، وَالقَضَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ خَلْقِ اللهِ - تَعَالَى - لِذَلِكَ المَقْدُورِ، وَقَدْ أُمِرْتَ أَنْ تُدَافِعَ القَدَرَ بِالقَدَرِ، وَتَفِرَّ مِنَ القَدَرِ إِلَى القَدَرِ، فَإِذَا وَقَعَ فَعَلَى كُلِّ عَاقِلٍ حُرٍّ التَّسْلِيمُ وَالصَّبْرُ وَإِلَّا أَثِمَ وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ، فَالتَّسْلِيمُ أَسْلَمُ وَهُوَ بِالحَالِ أَعْلَمُ؛ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁: أَوَّلُ شَيْءٍ كَتَبَهُ اللهُ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ: إِنِّي أَنَا اللهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، مُحَمَّدٌ رَسُولِي، مَنِ اسْتَسْلَمَ لِقَضَائِي وَصَبَرَ عَلَى بَلَائِي وَشَكَرَ نَعْمَائِي (١)؛ كَتَبْتُهُ صِدِّيقًا وَبَعَثْتُهُ مَعَ الصِّدِّيقِينَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِقَضَائِي وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي وَلَمْ يَشْكُرْ نَعْمَائِي؛ فَلْيَتَّخِذْ إِلَهًا سِوَايَ (٢).
(١) بِفَتْحِ النُّونِ، وَهِيَ النِّعْمَةُ. (٢) أَوْرَدَهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي «تَنْبِيهِ الغَافِلِينَ» (ص٢٦٣) بِلَا سَنَدٍ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ، وَانْظُرْ «تَفسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (١٩/ ٢٩٨).
1 / 104