Ithaf Dhawi Albab
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Publisher
منشورات منتديات كل السلفيين.
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
هُوَ مُشَاهَدٌ -، فَتَأَمَّلْ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّوْحُ المَحْفُوظُ أَعْظَمَ مِنَ العَرْشِ وَالكُرْسِيِّ - وَغَيْرِهِمَا -، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ؛ فَقَدْ وَقَعَ الاتِّفَاقُ أَنَّ أَعْظَمَ العَالَمِ - أَوْ أَكْبَرَهُ -: العَرْشُ.
وَرُبَّمَا يُقَالُ: وَلَا تَتَدَاخَلُ الأَجْسَامُ - هُنَا - لِفَوَاتِ الغَرَضِ المَطْلُوبِ مِنَ الكِتَابَةِ.
قُلْتُ: وَهَلْ حَوَادِثُ العَرْشِ وَالماءِ - المَخْلُوقَيْنِ قَبْلَ القَلَمِ - مَكْتُوبَةٌ فِي اللَّوْحِ؟ أَوِ المُرَادُ بِكَوْنِ القَلَمِ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ - أَيْ: حَادِثٍ - بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَهُمَا قَبْلَهُ؛ لِمَا فِي «الصَّحِيحِ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدَّرَ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ» (١).
فَهَذَا صَرِيحٌ أَنَّ التَّقْدِيرَ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ خَلْقِ العَرْشِ وَالمَاءِ؛ لأَنَّ التَّقْدِيرَ وَقَعَ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِ القَلَمِ، وَحَدِيثُ: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ: القَلَمُ» (٢)؛ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا المَاءَ (٣) وَالعَرْشَ وَالكُرْسِيَّ.
_________
(١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٦٥٣) - وَقَدْ تَقَدَّمَ -.
(٢) تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (٣٧/ ٣٧٨)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٣٣١٩)، وَأَبُو دَاوُدَ (٤٧٠٠)، وَالبَزَّارُ فِي «مُسْنَدِهِ» (٧/ ١٣٧ - «البَحْرِ الزَّخَّارِ»).
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (٣٣١٩)، وَالأَلْبَانِيُّ فِي «ظِلَالِ الجَنَّةِ» (١/ ٤٨ - ٥٠)، وَالوَادِعِيُّ فِي «الجَامِعِ الصَحِيحِ فِي القَدَرِ» (ص١٠٢ - ١٠٣).
(٣) بِالنَّصْبِ؛ لِدُخُولِ (مَا) المَصْدَرِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّ (مَا) - هُنَا - زَائِدَةً، فَجَوَّزَ الجَرَّ - أَيْضًا -.
1 / 77