وعندهم: أن الإنسان لا يكفر، ولا يكون مشركا، إلا إذا اعتقد التأثير له من دون الله، ولم يفقهوا أن الله حكى عن المشركين في غير موضع من كتابه: أنهم يعترفون له بأنه هو المختص بالإيجاد والتأثير والتدبير، وأن غيره لا يستقل بشيء من ذلك، ولا يشاركه فيه، وحكى عن المشركين: أنهم ما قصدوا بعبادة من سواه إلا القربان والشفاعة، كما ذكر ذلك في غير موضع من كتابه.
قال تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء / وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ﴾ (١) .
قال تعالى: ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ *﴾ ٢.
ومثل هذا كثير في القرآن، يخبر فيه تعالى أن المشركين يعترفون بأن الله هو المتفرد بالإيجاد والتأثير والتدبير.
وقال تعالى في صفة شرك المشركين وبيان قصدهم: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ﴾ ٣.
_________
(١) سورة يونس، الآية:٣١، وفي"جـ" أكملت بقية الآية: ﴿فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ .
(٢) سورة المؤمنون، الآيات:٨٤-٨٩.
(٣) سورة يونس، الآية:١٨.
1 / 36