-80- عذر الجاهل فيه وله إلا بعد قيام الحجة عليه بالسماع ولهذا تفسير يطول .
وإن قال قائل : فقد لحق حكم الاستحلال بحكم مالا يسع جهله وتقوم به الحجة من العقل ، دون السؤال والتعبير .
قلنا له : إنما لحق ذلك بحكم ما لا يسع جهله ، بعد السماع من العالم بذلك ، أن الحرام الذي استحل بالدينونة حرام ، وأن الحلال الذي حرم بالدينونة حلال من طريق الدين ، فلم تقم عليه الحجة فيه إلا بالسماع والعلم ، أن المستحل حراما في الدين والمحرم حلالا في الدين ، مع أن ذلك ليس مما يجمع عليه في الدين ، أن الجاهل له هالك ، ما لم يبلغ إليه علم دلك ، فلم يلحق ذلك إلا بالسماع وبعد العلم ، ولم يلحق ذلك أيضا بالإجماع في الدين ، وأما التوحيد والوعد والوعيد فلاحق بصفة الله - تبارك وتعالى - ، ولا يجوز جهل توحيد الله ولا صفته إذا خطر ذلك بالبال ، أو سمع بذكر ذلك وعرف معاني ذلك الخاطر بباله أو السامع بذكره .
ولقال له : فإن كان الذي يأمرونه به من الخروج فيما قد قامت عليه الحجة به من طريق حكم الاستحلال من المحدثين بالدينونة ، فإن كان قد قامت عليه الحجة ، فهم كاذبون أنهم ليسوا عليه بحجة ، وهم يزعمون أن الحجة تقوم عليه من طريق العقل ، فإذا قامت عليه الحجة في ذلك من طريق العقل ، فالعبارة من المعبرين أولى وأجدر أن يقوم بها عليه الحجة ، وهم بذلك كاذبون أنهم ليسوا بحجة ، وأن يخرج يطلب الحجة ، فهذا مما ينقض بعضه بعضا أن يكون محجوجا يطلب الحجة ، وهو هالك بالحجة ، والحجة قد قامت عليه .
ومع ذلك لا يجوز في العقول أن يلزم أحدا في دين الله ، أن يطلب على نفسه قيام الحجة حتى يكون محجوجا على كل حال ، وإنما عليه أن يطلب علم ما يسلم به من الحجة التي قد لزمته لله ، ويخرج من الحجة إلى السلامة من الحجة لا يخرج من السلامة من الحجة ، إلى ما تقوم عليه به الحجة ، هذا
Page 81